قال : فجاء بكيس فيه ألف دينار ، قال : يا أبا عبد الله ، إن أردت أذناك (١) ، قال : لا ، في هذا بلاغ ، قال : فأخذ الكيس وخرج ، قال : فلمّا كان في بعض الطريق والرسول يذهب به إلى دار البريد مرّوا بخربة. قال : فلفّ سفيان الكيس في إزاره ووضعه على باب الخربة ، وقال للرسول : أبصر هذا حتى أبول ، ودخل فأقام الرسول ما شاء الله ، فلمّا لم يره حمل الإزار ودخل فلم ير شيئا ، فحمل الإزار ومضى إلى محمّد بن إبراهيم ، فلما رآه ضحك ، قال : ويك ما لك؟ قال : خدعني ، قال : كيف؟ فقص عليه القصة.
ذكره لنا أبو موسى قال : فذهب ، قال : قال له : ويلك ، ولم تركته؟ قال : لم أظن أنه قد [يذهب](٢) عريان ويدع الكيس ، فلا ثكلتك أمك ، إنّي أحسب لو كان جميع ما يملك لتركه.
٩٢٥٨ ـ رجل من أهل دمشق لم ينته إلينا اسمه
كان من أهل الجهاد والخير.
حكى أبو محمّد عبد الله بن سعد القطربلي أظنه عن الواقدي قال : حدّثني أبو المنهال ابن ... (٣) :
أن المهدي قال لطازاد الرومي : أخبرني ببعض ما رأيت ، فقال : كنت يوما أسير على شاطئ نهر لا ينقطع إلا من موضع فيه صعوبة ، فإذا أنا برجل قائم يصلي ، فخفف من صلاته لمّا رآني ، فقلت له : كأنك أضللت أصحابك ، فإن أحببت أرشدتك للطريق ، تقبل (٤) منه إليهم. فعلت؟ قال : فقال كالمنتهر : امض لشأنك ، فقلت له : كأني أراك معجبا بنفسك ، فهل لك في البراز؟ فقال : نعم ، ثم وثب على فرس له أنثى ثم أوثبها النهر فإذا هو معي ، ثم تجاولنا فلم أقدر عليه لثقافته (٥) ثم قلت له : هل لك في المصارعة؟ فقال : ذاك إليك ، قال : فألقينا ما علينا من سلاح ومتاع ، فلمّا تجرد ازدريته لنحافته وقلت : إنا نحتمله بأهون أمر ، أو قاتله أو اذهب به أسيرا ، وآخذ فرسه وسلاحه ، ثم اتحدنا ، فلم أصل منه إلى شيء حتى
__________________
(١) كذا بالأصل ولا معنى لها ، وفي المختصر : زدناك ، وهو أشبه.
(٢) مكانها بياض بالأصل ، والمثبت عن المختصر.
(٣) كلمة بدون إعجام ورسمها : «ميان».
(٤) كذا بالأصل : تقبل منه إليهم.
(٥) يقال ثقف ثقفا وثقافة صار حاذقا خفيفا فطنا (القاموس).