أبي نصر يقول : حدّثني أبي أن رجلا حدثه كان يصحب ابن جوصا ، عن نفسه أو عن شيخ حدّثه أنه كان يرابط بالساحل في صخرة موسى (١) فبينا هو على السور ينظر إلى البحر ، فرأى غرابا قد انحط على سمكة مطروحة على الشط ، فأدخل في عين السمكة مخلابه ثم اكتحل به ، فتعجبت من ذلك ، ثم انحدرت إلى السمكة ، وأخرجت ميلا فاكتحلت من عينها ، فرأيت أشياء لم أكن أراها من قبل ذلك ، ورأيت عجائب ، فبينا أنا في بعض الأيام في جنازة ، وقد وضعت ، وإذا رجل يضحك في وجوه الناس ويتلهّى فكثر ذلك منه ، فاغتظت عليه فلحقته عند انصراف الناس من الجنازة فقلت : يا عبد الله ، قف علي ، فالتفت إليّ فقال لي : ما لك؟ فقلت : ما تستحي من الله؟ الناس في الجنازة وأنت تضحك وتتلهّى في وجوه الناس؟ فقال : أنت تراني؟ فقلت : نعم ، قال : وتبصرني؟ قلت : نعم ، وقد رأيتك تضحك في وجوه الناس ، فقال : يا هذا أنا الأمل ، بعثني الله في هذه الصورة ، أضحك في وجوه الناس ، وما هو ضحك ، وإنّما أسلّيهم (٢) وأبسط لهم الأمل حتى يرجعوا إلى ما كانوا عليه حتى لا تخرب الدنيا ، ولو لا ذاك ما عمرت الدنيا ، ثم غاب عنّي.
٩٢٦٤ ـ رجل صالح من أهل دمشق
حكى عنه معروف الكرخي.
أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد المكي ، أنا الحسين بن يحيى ، أنا الحسين بن علي.
ح وكتب إلى أبو الحسن الموازيني يخبرني عن عبد العزيز بن بندار.
وكتب إليّ أبو سعد (٣) بن الطيوري يخبرني (٤) عن عبد العزيز الأزجي ، قالا : أنا أبو الحسن بن جهضم ، نا أبو الطيب محمّد بن جعفر ، نا يحيى بن الحسن بن سعيد الرازي ، حدّثني أبو بشر الطالقاني ، حدّثني بعض أصحاب معروف الكرخي عن معروف قال :
رأيت رجلا في البادية شابا ، حسن الوجه ، له ذؤابتان حسنتان ، وعلى رأسه رداء
__________________
(١) صخرة موسى في بلد شروان قرب الدربند. وقالوا : من نواحي أرمينيا قرب الدربند (معجم البلدان : شروان وصخرة موسى).
(٢) بالأصل : أسلبهم.
(٣) هو أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الصيرفي ابن الطيوري البغدادي المقرئ ، ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٤٦٧.
(٤) تحرفت بالأصل إلى : «بن بحتري».