فتصدّقوا ، فإنّ الله يجزي المتصدقين ، فأمر له هشام بمال وقسم مالا بين الناس ، فقال الأعرابي : أكلّ المسلمين له مثل هذا؟ قال : لا يقوم بذلك بيت المال ، قال : فلا حاجة لي فيما آخذ من بيت مال المسلمين ، ولا يأخذه غيري ، فمضى وتركه.
٩٢١٢ ـ رجل دخل على هشام بن عبد الملك
قرأت على أبي محمّد عبد الله بن أسد بن عمار ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهاب بن جعفر ، ونقلته من خطه ، حدّثني أحمد بن علي بن عبد الله ، حدّثني أبو الحسن محمّد بن سليمان السليماني ، نا أبو بكر بن دريد ، نا أبو حاتم ، عن العسي (١) عبيد الله قال :
بلغ هشام بن عبد الملك عن رجل كلام ، فأتي به فتكلّم بحجته ، فقال هشام : أو تتكلم أيضا؟! فقال : يا أمير المؤمنين إنّ الله يقول : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها)(٢) ، أفنجادل الله جدالا ولا تكلم أنت كلاما ، قال : يا ويحك ، فتكلم بما أحببت.
٩٢١٣ ـ شيخ راجز (٣) من بني والية من بني أسد
وفد على هشام بن عبد الملك.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي الكاتب ، ثنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، أنبأ أبو حاتم ، حدّثني الأصمعي ، أخبرني محمّد بن حرب الهلالي ، قال :
خرجت مرّة أريد مكة ، فنزلت بحيّ من بني أسد ، ثم من بني والبة ، فإذا أنا بشيخ كبير السن ، حسن اللباس ، فسلّمت عليه ، ثم جلست فسألته عن سنّه ، فقال : خلفت عشرين ومائة [سنة] فسألته عن طعمه فقال : ما أزيد على الصّبوح (٤) والغبوق شيئا. فسألته عن الباه فقال : أيهات والله لقد وفدت على هشام وهو في رصافته يشرب اللبن ، وذلك أنّي ذكرت له فسألني عن طعمي فقلت : الصّبوح والغبوق ، وسألني عن الباه؟ فقلت : والله إن لي لثلاث نسوة ، بتّ عند إحداهن ليلة وأصبحت غاديا إلى الأخرى وفي رأسي أثر الغسل ، فقالت : امط عني ،
__________________
(١) كذا.
(٢) سورة النحل ، الآية : ١١١.
(٣) الذي بالأصل «... جر» والمثبت : راجز ، عن مختصر ابن منظور.
(٤) الصبوح : ما حلب من اللبن بالغداة ، والصبوح : كل ما أكل أو شرب غدوة ، وهو خلاف الغبوق (تاج العروس : صبح) طبعة دار الفكر.