وجاء الكبر وخيره ، فإذا قعدت ذكرت الله ، وإذا قمت حمدت الله ، فأحبّ أن تدوم لي هاتان الحالتان.
روى أبو العيناء محمّد بن القاسم هذه الحكاية عن الأصمعي عن سلمة بن بلال ، عن مجالد ، عن الشعبي : أن سليمان دخل مسجد بيت المقدس ، وكذا رواها زكريا المنقري عن الأصمعي.
أخبرنا بها أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين (١) بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلص ، أنا عبيد الله السكري ، نا زكريا المنقري ، نا الأصمعي ، نا سلمة بن بلال ، عن مجالد ، عن الشعبي قال :
دخل سليمان بن عبد الملك بيت المقدس فرأى شيخا كبيرا ، فقال له : يا شيخ أيسرّك أن تموت ، قال : لا ، قال : لم؟ قال : ذهب الشباب وشرّه ، وجاء الكبر وخيره ، فإن قمت حمدت الله وإن قعدت ذكرت الله ، فأنا أحب أن تدوم لي هاتان الحالتان.
٩١٦٠ ـ أعرابي وعظ سليمان بن عبد الملك فأحسن الموعظة
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، نا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن عبد العزيز ، نا عثمان بن الهيثم المؤذن ، عن عوف بن أبي جميلة ، ومؤرج قالا : قام أعرابي إلى سليمان بن عبد الملك فقال له : يا أمير المؤمنين إني مكلّمك بكلام فاحتمله إن كرهته ، فإن من ورائه ما تحبّه إن قبلته ، قال : هات يا أعرابي قال : فإنّي سأطلق لساني بما خرست عنه الألسن من عظتك لحقّ الله وحقّ إمامتك ، إنه قد اكتنفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم ، فابتاعوا دنياك بدينهم ، ورضاك بسخط ربهم ، خافوك في الله ولم يخافوا الله فيك ، فهم حرب الآخرة ، سلم الدنيا ، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه ، فإنّهم لن يألوك الأمانة إلّا تضييعا ، والأمة إلّا عسفا والقرى إلّا خسفا ، وأنت مسئول عما اجترحوا وليسوا مسئولين عما اجترحت ، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك ، فأعظم الناس غبنا يوم القيامة من باع آخرته بدنيا غيره. فقال له سليمان : أما أنت يا أعرابي قد نصحت ، وأرجو الله يعين على ما يقلدنا.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر ، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد ، وعبد
__________________
(١) تحرفت بالأصل إلى : الحسن.