٩٢١٩ ـ شاعر وفد على مروان بن محمّد
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله السلمي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، ثنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن الأنباري ، نا أبو الحسن بن البراء ، أنا أبو الفضل العباس بن الفضل الربعي ، نا مبارك الطبري ، حدّثني الفضل بن الوضاح صاحب قصر الوضاح ، عن أبيه قال :
خرجت مع أبي جعفر المنصور إلى مروان بن محمّد فصحبنا في الطريق رجل ضرير كان عنده أدب ومعرفة فاستجلاه أبو جعفر وقال له : من تقصد؟ قال : أمير المؤمنين مروان ، قال : في أي شيء؟ قال : في شعر أمتدحه به ، قال : إن سهل عليك أن تنشدنيه فافعل ، قال : فأنشده :
ليت شعري أفاح رائحة المس |
|
ك وما إن أخال بالخيف أنسي |
حين غابت بنو أمية عنه |
|
والبهاليل من بني عبد شمس |
خطباء على المنابر فرسا |
|
ن عليها وقالة غير خرس |
لا يعابون صامتين وإن قا |
|
لوا أصابوا ولم يقولوا بلبس |
بحلوم إذا الحلوم استخفّت |
|
ووجوه مثل الدنانير ملس |
قال أبو جعفر : فما أتمّها حتى ظننت أن العمى قد أخذني من حسدي بني أمية عليها.
قال الوضاح : ثم حجّ أبو جعفر سنة ثلاث وأربعين ومائة ، وهو خليفة ، فحججت معه ، وقد كان نوى أن يمشي حتكا (١) فرودا (٢) ، فإنه ليمشي إذ بصر بالضرير فقال : يا مسيب عليّ بالأعمى ، فأتي به فقال : ما صنع بك مروان؟ قال : أغناني ، ولا أسأل والله بعده أحدا شيئا ، قال : ما أعطاك؟ قال : أربعة آلاف دينار ، وعشرة غلمان ، وعشر جوار ، وحملني على عشرة من الدواب ، وأوقر لي خمسة أبغل خرثيا (٣) ثم تنفس الصعداء وأنشأ يقول :
آمت نساء بني أمية منهم |
|
وبناتهم بمضيعة أيتام |
نامت خدودهم وأسقط نجمهم |
|
والنجم يسقط والخدود تنام |
خلت المنابر والأسرة منهم |
|
فعليهم حتى الممات سلام |
__________________
(١) بالأصل : حكبى ، والمثبت عن المختصر ، والحتك : أن يقارب الخطو ويسرع رفع الرجل ووضعها.
(٢) الرود في المشي : أي على مهل.
(٣) الخرثي متاع البيت وأثاثه.