يكون؟ .. بل استعمل سبحانه الطعام في اللحم : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) ـ ١٤٥ الانعام».
ومن أجل هذا نقول بأن ذبائح أهل الكتاب حلال ، مع العلم بتوافر الشرائط من الاستقبال والتسمية وقطع الأوداج الأربعة ، وهذا هو الفرق بين ذبيحة الكتابي ، وذبيحة المسلم ، فذبيحة الأول تحرم الا إذا علمت بأنه استقبل وسمى وقطع الأوداج الأربعة مع استقرار الحياة في الحيوان قبل الذبح ، وذبيحة الثاني تحل الا إذا علمت بأنه أخل بما أوجبه الشرع. وصرحنا بذلك مع الدليل في الجزء الرابع من فقه الإمام جعفر الصادق ، وفيه روايات صحيحة عن أهل البيت (ع). وعمل بها الشهيد الثاني والصدوق وابن أبي عقيل وابن الجنيد. قال صاحب مجمع البيان عند تفسير هذه الآية : «عن أكثر المفسرين ، وأكثر الفقهاء ان المراد بالطعام في الآية ذبائح أهل الكتاب ، وبه قال جماعة من أصحابنا» أي من علماء الشيعة الذين يعتد بأقوالهم.
(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ). المراد بالاحصان في الألفاظ الثلاث العفة ، وبالاجور المهور ، والمسافحون هم الذين يرتكبون الزنا جهرا ، ومتخذو الأخدان يرتكبونه سرا ، وقيّد إتيان الأجور بعدم الزنا المشار اليه بمحصنين غير مسافحين ـ للاشعار بأن ما يدفعه الرجل للمرأة من المال يجب أن يكون مهرا للنكاح الشرعي ، لا أجرا للسفاح ، ومحصل المعنى ان الله قد أحل نكاح العفيفات المسلمات والكتابيات ، وعلى من ينكحهن أن يدفع لهن ما جرى عليه الاتفاق من المال مهرا شرعيا ، لا بدلا عن الزنا.
واتفق فقهاء المذاهب على أن المسلم لا يحل له أن يتزوج بمن لا تدين بشيء إطلاقا ، ولا بمن تعبد الأوثان والنيران ، وما اليها ، واختلفوا في زواج الكتابية ، أي النصرانية واليهودية ، فقال أصحاب المذاهب الأربعة السنية : يجوز ، واستدلوا بهذه الآية ، واختلف فقهاء الشيعة بين مجيز ومانع ومفصل بين الزواج الدائم والمنقطع ، فأجاز الثاني ، ومنع الأول.