كافرين ، بل لم يكن لعيسى ويحيى نسل وذرية (وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هذا المديح والثناء تمهيد لقوله تعالى : (ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ). أي ان الهدى الذي يجب اتباعه هو ما جاء به الأنبياء ، ولا يتبع هذا الهدى إلا من شمله الله بلطفه وتوفيقه (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). أي ان هؤلاء الأنبياء على فضلهم وعظيم قدرهم لو صدر منهم أدنى شيء يشعر بالشرك لبطلت جميع أعمالهم ، وذهبت سدى ، والغرض من هذه الاشارة التنبيه إلى أن الله سبحانه يعامل الناس بأعمالهم لا بمناصبهم ، وبالنهاية التي عليها يموتون ، لا بالسابقة التي ابتدأوا بها حياتهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ). أولئك إشارة إلى من تقدم ذكرهم من الأنبياء ، والكتاب جنس يشمل جميع الكتب السماوية السابقة على القرآن ، كصحف ابراهيم والتوراة والزبور والإنجيل ، والمراد بالحكم معرفة القضاء وكل ما شرعه الله من الحلال والحرام (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ). هؤلاء ، إشارة إلى مشركي قريش الذين أنكروا نبوة محمد (ص) ، ونصبوا له العداء ، وضمير بها يعود إلى النبوة ، والمراد بالقوم الذين ليسوا بها بكافرين المهاجرون والأنصار الذين آمنوا بمحمد وناصروه.
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ). أولئك إشارة إلى الأنبياء الذين تقدم ذكرهم ، وقد أمر الله نبيه الأكرم محمدا (ص) أن يسير على طريقهم في الدعوة إلى الحق ، والصبر على الأذى في سبيلها (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) لأن الدين لم يشرع للكسب والاتجار به (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) ضمير هو يعود إلى القرآن ، وفي الكلام دلالة واضحة على ان محمدا أرسل للناس كافة في كل زمان ومكان.
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ