وزعم بلا علم (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) من المستحيلات عليه.
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). أي خالقها على غير مثال سابق (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) ، من جنسه ، ولا من غير جنسه ، لأنه ليس كمثله شيء ، وهو الغني عن كل شيء ، وتقدم الكلام عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٥٠ من سورة النساء (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ). والمخلوق لا يكون شريكا للخالق (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ومع هذا لا يعلم بأن له ولدا ، ولو كان لعلم به ، فعدم العلم بالشيء لا يدل على عدم وجوده واقعا بالنسبة الى غير الله ، أما بالنسبة اليه تعالى فان علمه لا ينفك عن وجود المعلوم.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ). الخطاب موجه للمشركين ، والمعنى ان الله استجمع صفات الوحدانية ، وخلق الكون بما فيه ، وتدبير الأمور كلها فهو جدير بأن تفردوه بالعبادة ، ولا تشركوا معه أحدا من الأنداد ، ولا تنسبوا له الصاحبة والأولاد.
(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ). تكلمنا عن رؤية الله مفصلا عند تفسير الآية ٥٥ من سورة البقرة ج ١ ص ١٠٧ (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) وغيرها ، لأنه بكل شيء محيط (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). لطيف بعباده ، خبير بأعمالهم ومقاصدهم.
(قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ). المراد بالبصائر هنا الدلائل والبينات على وجود الله ووحدانيته ، ومنها ما سبق ذكره تعالى فالق الحب والنوى ، وخالق الليل والنهار ، والناس من نفس واحدة ، ومنزل الماء الذي أحيا كل شيء .. واطلاق البصائر على الدلائل من باب اطلاق المسبب على السبب ، لأن البصائر جمع بصيرة : وهي الإدراك الحاصل بالقلب ، وهذا الإدراك ينشأ من الأدلة والبراهين.
(فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها). بعد أن أقام الدليل القاطع على الحق قال : من اتبعه فإلى نفسه أحسن : ومن خالفه فإليها أساء : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ـ ٧ الاسراء. (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) بل بشير ونذير ، والله وحده هو الوكيل والرقيب.
(وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). كان العرب