مكلفين ولا مسؤولين عن معرفة تلك العلامات بكنهها وحقيقتها ، ولا بصفاتها الخاصة أو العامة.
وتسأل : من هم رجال الأعراف؟
الجواب : للمفسرين فيهم أقوال ، أرجحها ـ ذوقا ـ ما عليه الأكثر : انهم الذين تساوت كفتا ميزانهم ، ولم ترجح حسناتهم على سيئاتهم ، ولا سيئاتهم على حسناتهم ، ولو زادت إحداهما على الأخرى مثقال ذرة لتعين مصيرهم ، إما إلى جنة ، واما إلى نار.
سؤال ثان : ان أهل الجنة يعرفون بدخولها ، وكذلك أهل النار ، فأية حاجة إلى العلامات؟
الجواب : قد تكون تلك العلامات للتمييز بين الفريقين قبل الحساب والعقاب كما يعرف المجرم من ملامح وجهه ، وهو يساق إلى المحاكمة.
(وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) ضمير نادوا يعود إلى رجال الأعراف ، والمعنى انهم حين ينظرون إلى أهل الجنة يسلمون عليهم تسليم تحية وإكرام (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) في دخول الجنة ، لأنهم من أهل لا إله إلا الله ، وكل من آمن بالله يطمع في رحمته ومغفرته : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) ـ ٨٧ يوسف. وفي الحديث : ان رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان. فقال الله تعالى : من هذا الذي تألى عليّ ـ أي أقسم عليّ ـ أن لا أغفر لفلان؟ .. فاني قد غفرت لفلان ، وأحبطت عمل المتألّي.
(وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وبناء (صُرِفَتْ) للمجهول يوحي بأن نظر رجال الاعراف إلى أهل النار كان من غير قصد ، والمراد بالظلم هنا الشرك والكفر ، والمعنى انهم إذا صادف ورأوا ما عليه أهل النار خافوا وتضرعوا إلى الله تعالى أن لا يجعلهم مع الكافرين الهالكين.
(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ). كان الذين استكبروا في الأرض يسخرون من