لا تفعل. فقال الرجل والله ما اتيتهن وانما هو سماع أسمعه بأذني؟ فقال بالله أنت ما سمعت الله يقول (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (١) فقال الرجل بلى والله كأني لم اسمع بهذه الآية من عربي ولا عجمي لا جرم اني لا أعود ان شاء الله تعالى واني استغفر الله تعالى. فقال له قم فاغتسل وصل ما بدا لك فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان اسوأ حالك لو متّ على ذلك ، احمد الله واسأله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره إلا كل قبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا». ونقل في الذكرى عن الشيخ المفيد (قدسسره) انه قيده بالتوبة عن الكبائر. أقول : لعله (قدسسره) وقف في ذلك على حديث آخر زيادة على هذا الخبر.
وظاهر كلام صاحب المعتبر الاعتماد في هذا الحكم على فتوى الأصحاب دون الخبر المذكور لضعفه عنده ، قال بعد ذكر هذه الرواية نقلا عن التهذيب ـ انه قال : «روي عن الصادق (عليهالسلام) انه قال لمن ذكر انه يسمع الغناء من جوار يتغنين : قم فاغتسل وصل ما بدا لك واستغفر الله تعالى واسأله التوبة». ـ ما صورته : وهذه مرسلة وهي متناولة صورة معينة فلا تتناول غيرها. والعمدة فتوى الأصحاب منضما الى ان الغسل خير فيكون مرادا ، ولانه تفأل بغسل الذنب والخروج من دنسه. انتهى. والعجب من صاحب المدارك هنا حيث تبعه على هذا الاستدلال واعتضد بما ذكره في هذا المجال من هذا الكلام المزيف الظاهر الاختلال.
وفيه (أولا) ـ ما عرفت من ان الخبر المذكور وان رواه الشيخ كما ذكره إلا انه رواه في الكافي كما نقلناه عن علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد ، وهو ـ كما ترى ـ في أعلى مراتب الصحة ، اما علي بن إبراهيم فحاله في الوثاقة ظاهرة ، واما هارون بن مسلم فقال النجاشي انه ثقة وجه ، واما مسعدة بن زياد فقال فيه ايضا انه ثقة عين ، وحينئذ فالرواية في أعلى مراتب الصحة.
__________________
(١) سورة بني إسرائيل. الآية ٣٦.