و (ثانيا) ـ ان ما ذكره ـ من أنها متناولة صورة معينة فلا تتناول غيرها ـ مردود بأنه لا يخفى ان مورد الرواية وان كان استماع الغناء إلا ان استدلال الإمام بالآية وسياق الرواية مشعران بالعموم لكل معصية حصل الإصرار عليها ، على انه لو تم ما ذكره من قصر الأحكام على موضع السؤال في الاخبار لضاق المجال في استنباط الأحكام ولزم خلو أكثرها من الدليل ، وظاهر الأصحاب هو التعدية الى ما عدا موضع السؤال من باب تنقيح المناط القطعي ما لم يعلم الاختصاص بموضع السؤال وهو المستند في أكثر الأحكام في كل مقام ، ومن أجل ما ذكرناه حكم الأصحاب هنا بالعموم في هذا الخبر ولم يخالف فيه إلا هو ومن تبعه.
و (ثالثا) ـ ان ما ذكره من ان العمدة فتوى الأصحاب ففيه ان فتوى الأصحاب متى كان لا عن دليل فالمتابعة فيه سيما من مثله من المحققين غير جائز ولا واضح السبيل ، فإنه مأخوذ على الفقيه ان لا يفتي ولا يعتمد إلا على الدليل الشرعي والبرهان القطعي في وجوب أو استحباب أو غيرهما لا على الفتاوى العارية عن الدليل كما عليه العلماء جيلا بعد جيل ، ومن الظاهر ان فتوى الأصحاب بهذا الحكم انما هو عن هذه الرواية المذكورة ، وضعفها عنده لا يوجب ضعفها عندهم لأنهم لا يرون العمل بهذا الاصطلاح المحدث ، وحينئذ فالعمل بفتواهم عمل بالرواية البتة ، فالتستر بالعمل بفتواهم كما ذكره مع صراحة الرواية لا معنى له بالكلية.
و (رابعا) ـ ان ما ذكره من ان الغسل خير. إلخ فيه انه لا ريب ايضا انه قد ورد (١) «ان الصلاة خير موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر». إلا انه لو صلى المكلف نافلة في وقت مخصوص أو مكان مخصوص أو على هيئة مخصوصة معتقدا شرعية تلك الخصوصيات واستحبابها من غير دليل في المقام فإنه تشريع محرم وعبادته باطلة بل موجبة للعقاب فضلا عن عدم الثواب ، ومن ثم خرجت الاخبار ناعية على المخالفين
__________________
(١) رواه في مستدرك الوسائل في الباب ١٠ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.