بالاستحباب كما هو المشهور عملا بظاهر الأخبار الأخيرة من حمل السنة على معنى المستحب فإنه حمل الوجوب في الاخبار التي استند إليها الخصم على المعنى اللغوي أو تأكد الاستحباب لعدم ثبوت كون الوجوب عندهم (عليهمالسلام) حقيقة في المعنى الاصطلاحي ، قال المحقق الشيخ حسن (قدسسره) في المنتقى ـ بعد ان نقل عن الشيخ حمل لفظ الوجوب في الاخبار على تأكد الاستحباب ـ ما صورته : «وكثيرا ما يذكر الشيخ هذا الكلام في تضاعيف ما يستعمل فيه هذا اللفظ وهو مطابق لمقتضى أصل الوضع وان كان المتبادر في العرف الآن خلافه ، فان العرف المقدم على اللغة هو الموجود في زمن الخطاب باللفظ ولا دليل على ان المعنى العرفي لهذا اللفظ كان متحققا في ذلك الوقت فيحمل على المعنى اللغوي. ويبقى الكلام في الخبر المتضمن للأمر بالاغتسال يوم الجمعة ولو قلنا بان الأمر في مثله يفيد الوجوب لاقتضت رعاية الجمع بينه وبين ما تضمن كون الغسل سنة ان يحمل على الندب» انتهى.
أقول : لا يخفى ان ما ذكره شيخنا البهائي في الحبل المتين من استعمال السنة فيما ثبت وجوبه بالسنة أكثر كثير في الاخبار ، ومنه ـ زيادة على ما ذكره من الخبرين ـ ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهماالسلام) (١) قال : «ان الله عزوجل فرض الركوع والسجود والقراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا أعاد صلاته ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته». ورواية الحسين بن النضر الأرمني الواردة في اجتماع الميت مع الجنب في السفر (٢) وفيها قال : «يغتسل الجنب ويترك الميت لان هذا فريضة وهذا سنة». ورواية التفليسي الواردة في ذلك ايضا (٣) حيث قال فيها «إذا اجتمعت سنة وفريضة بدئ بالفرض». ومرسلة محمد بن عيسى الواردة في ذلك ايضا (٤) وفيها «لان الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت سنة». وكذا ما ذكره المحقق المشار اليه من ان الوجوب
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٢٧ من أبواب القراءة.
(٢ و ٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ١٨ من أبواب التيمم.