في عرفهم (عليهمالسلام) كما استفاضت به أخبارهم أعم من هذا المعنى الاصطلاحي فإنه حق لا ريب فيه. وقد تقدم في الاخبار المذكورة في صدر المطلب عد جملة من تلك الأغسال المتفق على استحبابها بلفظ الوجوب ، وبالجملة فإن المتدرب في الاخبار لا يخفى عليه صحة الأمرين المذكورين. والحق الحقيق بالاتباع ـ كما حققناه في جملة من المواضع ـ ان هذين اللفظين من الألفاظ المتشابهة في الاخبار ولا يجوز الحمل على أحد المعنيين فيها إلا مع القرينة ، ومدعى دلالة لفظ الوجوب في أخبارهم (عليهمالسلام) على الوجوب بهذا المعنى الاصطلاحي وهكذا لفظ السنة بمعنى المستحب خاصة مكابر مباهت ، وبذلك يظهر سقوط استدلال كل من هذين القائلين بهذه الاخبار في البين بل الواجب على من يدعي الوجوب تحصيل دليل آخر غير هذه الاخبار المتقدمة وكذا من يدعي الاستحباب تحصيل دليل آخر غير ما ذكر.
وأنت خبير بان مع إلقاء هذين الدليلين من البين فإن الذي يظهر من الاخبار هو الاستحباب وذلك من وجوه :
(الأول) ـ أصالة البراءة من الوجوب حتى يقوم دليل يوجب الخروج عنها وليس فليس ، وهو أقوى دليل في المقام إذ الاخبار الواردة التي استند إليها الخصم لا دلالة فيها على ما ادعاه ، لما عرفت من ان الوجوب في كلامهم (عليهمالسلام) أعم من هذا المعنى المصطلح عليه وهو الذي لا يجوز تركه فلا تنهض حجة في الخروج عن هذا الأصل.
(الثاني) ـ رواية علي بن أبي حمزة المتقدمة فإنه لا مجال لحمل السنة فيها على ما ثبت وجوبه بالسنة كما ادعاه الخصم ، لأن أصل السؤال تردد بين كونه واجبا أو سنة والسنة متى قوبلت بالواجب تعين حملها على معنى المستحب وانما يحصل الشك فيما إذا قوبلت بالفرض أو أطلقت ، وأصل السؤال وان كان عن غسل العيدين لكن قضية العطف إجراؤه في المعطوف عليه ايضا.
(الثالث) ـ صحيحة علي بن يقطين المتقدمة أيضا حيث عد غسل الجمعة فيها