أجنب نفسه مختارا لم يجز له التيمم وان خاف التلف أو الزيادة في المرض. أقول : لا ريب ان عبارة المفيد على ما في المختلف صريحة في ذلك حيث قال : من أجنب مختارا وجب عليه الغسل وان خاف منه على نفسه ولم يجزه التيمم ، بهذا جاء الأثر عن أئمة آل محمد (عليهمالسلام). وفي المختلف عن ابن الجنيد ايضا انه قال : ولا اختار لأحد ان يتلذذ بالجماع اتكالا على التيمم من غير جنابة اصابته فان احتلم أجزأه. واما الشيخ فالذي نقله عنه في المختلف ان خائف التلف على نفسه يتيمم ويصلي ويعيد الصلاة إذا وجد الماء واغتسل ، وهذا القول منقول عنه في النهاية والمبسوط واما في التهذيب فإنه جعل الاولى ان يغتسل على كل حال وظاهر المعتبر ان القول الذي نقله عنه موافقا لمذهب المفيد هو قوله في الخلاف ، وحينئذ فيختص خلافه في المسألة بقوله في الخلاف. ثم لا يخفى ان الصدوق في الفقيه قال (١) : «وسئل الصادق (عليهالسلام) عن مجدور أصابته جنابة فقال ان كان أجنب هو فليغتسل وان كان احتلم فليتيمم». وظاهر نقله الرواية والجمود عليها أنه يفتي بمضمونها بناء على قاعدته في أول الكتاب التي بنوا عليها مذاهبه فيه ، ولم أعثر على من نسب ذلك اليه مع ان الأمر كما ترى ، إلا انه قال بعد هذه الرواية المذكورة : «والجنب إذا خاف على نفسه من البرد يتيمم» وهذه الزيادة محتملة لأن تكون من كلامه وان تكون من الخبر ، ويؤيد الأول ان هذا الخبر الذي نقله عن مرفوعة علي بن أحمد الآتية وهي عارية عن هذه الزيادة ، وكيف كان فإنه لا يخفى مدافعة هذه الزيادة للخبر الذي ذكره وان كان التأويل ولو بتمحل ممكنا ، والى هذا القول ذهب في الوسائل.
وها انا اذكر جملة ما وقفت عليه من أدلة القول المذكور وأبين ـ بحمد الله سبحانه ـ ما فيها من الضعف والقصور ومنه يظهر قوة القول المشهور وانه هو المؤيد المنصور ، فمن ذلك ما رواه ثقة الإسلام عن عدة من أصحابنا عن علي بن احمد رفعه عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «سألته عن مجدور أصابته جنابة؟ قال ان أجنب
__________________
(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ١٧ من أبواب التيمم.