المكان فالأمر بها أمر بالكون مع انه منهي عنه.
أقول : مرجع هذا الإيراد الى ما استدلوا به على بطلان الصلاة في المكان المغصوب كما سيأتي ان شاء الله تعالى في كتاب الصلاة من ان الحكم بصحة الصلاة يوجب اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد وهو محال قطعا وما استلزم المحال باطل كما اعترف به في المدارك ، حيث قال : لان الحركات والسكنات الواقعة في المكان المغصوب منهي عنها كما هو المفروض فلا تكون مأمورا بها ضرورة استحالة كون الشيء الواحد مأمورا به ومنهيا عنه. وهذا الدليل بعينه آت في الطهارة في المكان المغصوب كما ذكره الشهيدان ، فان الكون في المكان لما كان من ضروريات الجسم وأفعاله فالأمر بتلك الأفعال أمر بالكون مع انه منهي عنه فيلزم من القول بصحة الطهارة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد. وظاهرهما موافقة المعتبر في صحة ما استدل به وفرق به بين الطهارة والصلاة وانما أوردا عليه من طريق آخر وهو جريان الدليل الذي أبطلوا به الصلاة في المكان المغصوب في الطهارة أيضا.
وقال شيخنا المجلسي (قدسسره) في البحار ـ بعد نقل الفرق بين الطهارة والصلاة عن المعتبر والمنتهى ـ ما لفظه : «والفرق بين الطهارة والصلاة في ذلك مشكل ، إذ الكون كما انه مأخوذ في مفهوم السكون مأخوذ في مفهوم الحركة وليس الوضوء والغسل إلا حركات مخصوصة ، وليس المكان منحصرا فيما يعتمد عليه الجسم فقط فان الملك والأحكام الشرعية لا تتعلق به خاصة بل يعم الفراغ الموهوم أو الموجود فكل منهما عبارة عن الكون أو مشتمل عليه» ومحصله ان الصلاة كما انها عبارة عن حركات مخصوصة من قيام وقعود وركوع وسجود وانتقالات من حال إلى أخرى فكذلك الوضوء والغسل عبارة عن حركات مخصوصة وان كانت هذه الحركات انما هي في المكان الذي هو عبارة عن الفراغ الذي يشغله الإنسان دون ما يعتمد عليه وإطلاق المكان والكون شامل لكل منهما ، فعين ما قالاه في الصلاة ـ من ان القيام والسجود ونحوهما