والمرجع إلى واحد لأن الكسب أحد أموال السيد ، ولهذا لو قصر كسبه وجب الإتمام على السيد ، ولو تعدد المالك وزعت النفقة على الجميع بحسب الملك ، ويرجع في قدر النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى من أهل بلاده لأنها غير متعددة شرعا على المشهور ، فيجب الرجوع فيها إلى العادة كما قلنا ، فيعتبر قدر ما يكفيه من طعام وكسوة ، ويرجع في الكيفية إلى ما تقدم من عادة أمثال مماليك الموالي من أهل بلاده ، ولو كان السيد ممن يتنعم في الطعام والإدام والكسوة استحب له التوسعة على مملوكه كذلك.
وروي عنه (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إخوانكم حولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، ويلبسه مما يلبس».
قال في المسالك بعد نقله : أنه محمول على الاستحباب ، أو على أن الخطاب للعرب الذين مطاعمهم وملابسهم متقاربة ، أو على أنه جواب سائل علم حاله ، فأجاب على ما اقتضاه الحال كما وقع في كثير من أجوبته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أقول : الظاهر أن الخبر المذكور عامي لعدم وجوده في كتب أخبارنا كما لا يخفى على من راجعها ، فلا ضرورة إلى ارتكاب هذه التكلفات في تأويله ، ولو امتنع السيد عن الإنفاق عليه خيره الحاكم بين بيعه وبين الإنفاق عليه وجبره على أحدهما إن لم يكن له مال.
المسألة الثانية : قالوا : يجوز مخارجة المملوك على شيء فما فضل يكون له ، فإن كفاه لنفقته وإلا أتمه المولى ، والمراد بالخارجة ضرب خراج معلوم على المملوك يؤديه كل يوم أو كل سنة أو مدة مما يكسبه ، وما فضل عن ذلك الذي ضربه عليه فإنه يكون للعبد ، وهل للسيد إجبار العبد على ذلك؟ قولان ، اختار في المسالك الثاني ، ومثله سبطه السيد السند في شرح النافع ، وعلله بأنه يملك استخدامه المعتاد لا تحصيل ذلك القدر المطلوب منه بالكسب.
__________________
(١) صحيح البخاري ج ١ ص ١١ ب ٢٢ من الايمان.