السير. أقول : وقد عرفت ما يدل عليه من الخبرين المتقدمين.
الثانية : قالوا : يجوز غصب العلف لإبقائها إذا لم يوجد غيره ولم يبذله المالك بالعوض ، كما يجوز غصبه كذلك لحفظ نفس الإنسان ، وإن كان يلزمه المثل أو القيمة.
الثالثة : قالوا : لا يجوز الحلب إذا كان يضر بالبهيمة لقلة العلف وإن لم يضر ولدها ، وتركه إذا لم يكن في الحلب إضرار بها لما فيه من تضييع المال والإضرار بالبهيمة. قيل : ويحتمل الوجوب ، ويستحب أن لا يستقصي في الحلب.
الرابعة : قالوا : ينبغي أن يبقى للنحل شيء من العسل في الكوارة ، ولو احتاجت إليه كوقت الشتاء وجب إبقاء ما يكفيها عادة ، ويستحب أن يبقى أكثر من الكفاءة إلا أن يضر بها.
الخامسة : قد صرحوا بأنه حيث إن ديدان القز إنما تعيش بالتوت ، فعلى مالكها القيام بكفايتها منه وحفظها من التلف ، فإن عن الورق ولم يعتن بها باع الحاكم من ماله واشترى لها منه ما يكفيها. قال في شرح النافع بعد نقل ذلك عن جده في المسالك : وهو كذلك ، وإذا جاء وقتها بتخفيف جوزها في الشمس وإن هلكت تحصيلا للغرض المطلوب منها. قال في شرح النافع : وعليه عمل الناس كافة عصرا بعد عصر من غير نكير فكان إجماعا ، ويدل عليه قوله تعالى «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» (١) أي لأجل انتفاعكم به في دنياكم ودينكم.
السادسة : ما كان من المال ما لا روح له كالعقار ، فالمفهوم من كلام الأصحاب أنه لا يجب عمارته ولا زراعة الأرض ، لكنه يكره تركه إذا أدى إلى الخراب. قال في المسالك : وفي وجوب سقي الزرع والشجرة وحرثه مع الإمكان قولان ، أشهرهما العدم.
__________________
(١) سورة البقرة ـ آية ٢٩.