وبالجملة فالغرض من ذكر التسعة بيان الاعتداد بها ، وأنها تخرج بها وإن استلزم حصول أقصى الحمل بذلك ، فلا إشكال بحمد الله المتعال (١).
الرابع : ما ذكره بقوله «إن اعتدادها بثلاثة أشهر بعد العلم ببراءتها من الحمل فإن فيه أن براءة الرحم بعد التسعة كما تضمنته الأخبار المذكورة لا ينافيه وجوب الاعتداد بعدها بالثلاثة الأشهر حتى أنه ينسب إلى مخالفة الأصول ، فإنه لا يخفى على الماهر المتأمل في العلل الواردة في الأخبار أنها ليست عللا حقيقة يدور المعلول مدارها وجودا وعدما ، وعلى تقدير كونها كذلك في بعض الموارد فإنه لا يجب اطرادها ، وكون ذلك حكما كليا. ألا ترى أنه قد ورد النص بأن مشروعية العدة للعلم ببراءة الرحم من الحمل ، مع أنه لو طلق زوجته أو مات عنها بعد عشرين سنة لم يقربها فيها بالكلية لو جبب عليها العدة في الموضعين المذكورين.
وحينئذ فتصريح الأخبار هنا بوجوب الاعتداد ثلاثة أشهر لا ينافيه معلومية براءة الرحم بمضي التسعة ، كما أنه لا منافاة بين وجوب العدة فيما فرضناه مع
__________________
(١) أقول : وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا الشهيد الثاني في حواشيه على الروضة من أن التربص تسعة غير مروي لكن عليه أكثر الأصحاب والعمل به أقوى. إلخ ، وهو عجيب من مثله ـ قدسسره ـ مع نقله في المسالك رواية سورة بن كليب دليلا للقول بالتسعة ، وان اعترضها بما نقلناه عنه من الوجوه المذكورة في الأصل.
ومع قطع النظر عنها فهذه الروايات التي نقلناها ظاهرة في التربص تسعة أيضا ، ولعل ما ذكره من إنكار النص بذلك مبنى على ما مر منه في المسألة في الأصل وهي من رأت الدم في الأشهر الثلاثة مرة أو مرتين ثم احتبس ، وأن رواية سورة ضعيفة ، فهي في حكم العدم إلا أنك قد عرفت مما ذكرناه في الأصل أن مرجع رواية سورة الى ما دلت عليه الاخبار المذكورة وان اختلف وجه الاسترابة بأن استند الى تخلف الحيض كما في رواية سورة أو ادعاء المرأة الحبل كما في تلك الروايات ، وأن حكم المسترابة بأي نحو كانت هو ما ذكر من الاعتداد بالتسعة ثم الثلاثة. (منه ـ قدسسره ـ).