لما حسن أن يقال «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ» إلا أنه يشكل ذلك بأن مورد الآية كما ينادي به سياق الكلام إنما هو المطلقة البائن ، وعدم الوجوب هنا مما لا خلاف فيه.
قال في كتاب مجمع البيان (١) «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» أي وإن أرضعن الولد لأجلكم بعد البينونة فاعطوهن أجر الرضاع يعني اجرة المثل. انتهى ، وهذا الكلام في الآية الثانية ، فإن السياق كله إنما هو في المطلقة ، وحينئذ فاستدلال أصحابنا بهاتين في المقام لا يخلو من نظر ، إذ محل البحث إنما هو الزوجة.
والأظهر الاستدلال على ذلك بما رواه في الكافي (٢) عن سليمان بن داود المنقري قال : «سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الرضاع ، قال : لا تجبر المرأة على إرضاع الولد وتجبر أم الولد». وهو صريح في المراد.
الثالث : يجب تقييد الحكم المذكور كما نبه عليه غير واحد من الأصحاب بأن ذلك مشروط بوجود الأب وقدرته على دفع الأجرة ، أو عدم تبرعها ، أو وجود مال للولد ووجود مرضعة سواها ، وإلا وجب ذلك عليها كما يجب عليها الإنفاق عليه إذا كان الأب معسرا أو مفقودا.
الرابع : إطلاق كلام أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين اللبأ ، وهو أول ما يحلب بعد الولادة وغيره عملا بإطلاق الدليل ، وأوجب جماعة منهم العلامة في القواعد والشهيد إرضاعها اللبأ ، محتجين بأن الولد لا يعيش بدونه ، ورده جمع ممن تأخر عنهما بأنه ممنوع بالوجدان.
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٠٩.
(٢) الكافي ج ٦ ص ٤٠ ح ٤ ، التهذيب ج ٨ ص ١٠٧ ح ١١ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٧٥ ب ٦٨ ح ١.