أمرك وأُمورهم ، وأكثر التبسّم في وجوههم ، وكن كريماً على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإن استعانوا بك فأعنهم ، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء وزاد ، وإذا استشهدوك على الحقّ فاشهد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثمّ لا تعزم حتى تثبت وتنظر ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلّي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك ، فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ، ونزع منه الأَمانة .
وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، وإذا تصدّقوا واعطوا قرضاً فأعط معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك سنّاً ، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإنّ لا عيّ ولوم ، فإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم فقفوا وتوامروا ، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فإنّ الشخص الواحد في الفلاة مريب لعلّه يكون عين اللصوص ، أو يكون هو الشّيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضاً ، إلّا أن تروا ما لا أرى فإنّ العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحقّ منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب .
يا بني ، إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء صلّها واسترح منها فإنّها دين ، وصلّ في جماعة ولو على رأس زجّ (١) ، ولا تنامنّ على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها ، وليس ذلك من فعل الحكماء إلّا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدأ بعلفها قبل نفسك ، فإنّها نفسك ، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأَرض بأحسنها لوناً ، وألينها تربة ، وأكثرها عشباً .
______________________
(١) الزُجّ : الحديدة التي في أسفل الرمح ، ورأس الزج كناية عن ضيق المكان ، واهتمام بالغ بصلاة الجماعة ، أنظر ( مجمع البحرين ـ زجج ـ ٢ : ٣٠٤ ) .