قال : «تخيروا لنطفكم ، وأنكحوا الأكفاء ، وأنكحوا إليهم» (١) ، أمر بذلك ، والأمر للوجوب ، وحكمته ما فيه من دفع العار اللاحق بها ، وبأوليائها ؛ فكان فى ذلك موافقا لقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ؛ لا أنه مخالف له.
قولهم : إنه قال «لا يسترقّ العرب» ، وهو مخالف لفعل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم.
قلنا : إن صحّ ذلك عنه ، فلعله اطّلع على ناسخ ، ومعارض ، لم يظهر عليه غيره.
قولهم : إنه خالف كتاب الله ، وسنة رسوله ، فى منعه من جلد العرب ورجمها.
قلنا : كيف يصح دعوى ذلك وهو أول من جلد ولده (٢) ، حتى مات ، وجلد شهود المغيرة بن شعبة ، وكانوا من العرب (٣). ولو صحّ ذلك عنه ؛ لما كان ممتنعا ؛ لجواز ظهوره على معارض ، أو ناسخ فى نظره كما سبق.
قولهم : إنه فاضل فى القسمة بين الناس.
قلنا : ليس فى ذلك أيضا ما يوجب القدح فيه ، وأنه مع ما رآه فى نظره ، واجتهاده من المصلحة فى ذلك لم يحرّم التساوى ، ولا أوجب التفاضل ؛ فلم يكن فى ذلك مخالفا لما قضى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ به من التساوى (٤).
قولهم : إنه أجلى أهل نجران ، وخيبر عن ديارهم.
قلنا : لعله فعل ذلك لإخلالهم بشرط أقرهم النبي ـ عليهالسلام ـ عليه ، وقد عرفه دون غيره ، فلم يكن بذلك مخالفا للنبى ـ عليهالسلام ـ ؛ بل موافقا له (٥).
قولهم : إن العادة [كانت] (٦) جارية بأخذ دينار من كل حالم من أهل العهد.
__________________
(١) ورد فى سنن ابن ماجة ١ / ٦٣٣.
(٢) هو عبد الرحمن بن عمر ـ قارن عن هذه الرواية سيرة عمر ٢٠٧ ـ ٢٠٩ ومنهاج السنة ٣ / ١٣٨.
(٣) انظر عنهم ما مر فى ل ٣٠٢ / ب وهامشها.
(٤) قارن بهذا الرد ما ذكره صاحب المغنى ٢٠ / ٢٨ من القسم الثانى.
(٥) عمر رضي الله عنه نفذ ما أشار به رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقد ورد فى موطأ مالك ـ رضي الله عنه ـ ص ٧٨٠ «كان آخر ما تكلم به رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : قاتل الله اليهود ، والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. لا يبقين دينان بأرض العرب» كما ورد فى سيرة ابن هشام ٣ / ٢٣١ «أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال فى وجعه الّذي قبضه الله فيه : لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان ، ففحص عمر ذلك حتى بلغه الثبت فأرسل إلى يهود : فقال : إن الله عزوجل قد أذن فى جلائكم».
(٦) ساقط من أ.