يقال : رفع شرب الخمر عن المضطر ، أو وضع شربه على المختار ، كما لا يقال : رفع البيع عن المكره ، أو وضع البيع على المختار ، وانما يسندان إلى نفس الحكم ، فيقال : رفعت حرمة شرب الخمر عن المضطر ، أو لزوم البيع عن المكره ، وحيث ان المرفوع في الحديث يعم موارد التكاليف الوجوبية والتحريمية والأحكام الوضعيّة ، فلا بد وأن يكون المرفوع أمرا قابلا للانطباق على جميعها ، وليس هو إلّا موضوعية الفعل للحكم ، ومرجعه إلى نفي الحكم ، فلا يكون لحديث الرفع حكومة على الموضوعات والمتعلقات ، وانما يكون حاكما على نفس الأحكام.
فتحصل انه لا دلالة لحديث الرفع على تنزيل الفعل المضطر إليه منزلة العدم ليجتزي ببقية اجزاء الواجب في مقام الامتثال ، بل قد ورد في قصة أبي العباس السفاح قوله عليهالسلام (أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من ان يضرب عنقي) (١).
ان قلت : ان ما تقدم من البيان بعينه جار بالنسبة إلى ما لا يعلمون ، فإذا جهل جزئية شيء للصلاة أو شرطيته أو مانعيته يرتفع التكليف المتعلق بمجموع الاجزاء والشرائط ، فإثبات تكليف متعلق بالفاقد يتوقف على دليل.
قلت : ان المكلف في فرض الجهل بأحد هذه الأمور يعلم إجمالا بثبوت تكليف في ذمته ، مردد بين أن يكون متعلقا بخصوص المتيقن مما اعتبر فيه وبين ان يتعلق بالزائد عليه ، فإذا ارتفع تعلقه بالزائد تعبدا لا بد من امتثال التكليف بالمتيقن ، ولا يجوز رفع اليد عن امتثال التكليف المعلوم برفعه عن المشكوك فيه ، وهذا بخلاف صورة الاضطرار أو الإكراه المحتمل فيها عدم التكليف رأسا.
ثم انه قد ظهر مما ذكرناه ان شمول الحديث لمورد لا يترتب عليه إلّا رفع التكليف أو الوضع الثابت في ذلك المورد في نفسه ، فالإكراه على فعل محرم في نفسه
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٧ ـ باب ٥٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.