ولا يخفى عليك ان الإشكال في الاستدلال بالموثقة في المقام أقوى وأظهر من الإشكال في الاستدلال بالخبرين ، فان فيها جهات تقتضي اختصاصها بالشبهة الموضوعية.
أحدها : ظهور كلمة «بعينه» في ذلك ، وهذا الوجه مشترك فيه بين الموثقة وغيرها ، وحمل الكلمة على التأكيد خلاف الظاهر ، ولا يصار إليه بغير قرينة ، توضيح ذلك : ان العناوين الكلية مثل شرب التتن ونحوه اما ان تكون معلومة الحرمة ، أو لا تكون كذلك. وعلى الأول فهي معلومة الحرمة بعينها لا محالة ، وعلى الثاني فهي غير معلومة الحرمة أصلا ، واما العلم بكونها محرمة لا بعينها فهو لا يتحقق غالبا إلّا في موارد العلم الإجمالي بحرمة أحد الشيئين أو الأشياء ، ومن الظاهر انه لا يحكم فيها بالحلية على ما سيجيء.
واما الشبهات الموضوعية فالشك فيها لا ينفك عن العلم بالحرام لا بعينه غالبا أو دائما ، مثلا إذا احتملنا حرمة مائع خارجي لاحتمال كونه خمرا ، فذلك لا ينفك عن العلم بوجود الخمر في الخارج إجمالا ، المحتمل انطباقه على المائع المفروض ، ومعه كان الحرام معلوما لا بعينه ، أي غير متميز عن غيره ، لكن مثل هذا العلم لعدم حصر أطرافه وعدم كون جميعها محل الابتلاء لا يوجب تنجز المعلوم ، فصح أن يقال : ان ما ابتلي به من أطرافه محكوم بالحلية ما لم يعلم انه حرام بعينه ، فالإتيان بكلمة «بعينه» في الروايات الثلاث قرينة على اختصاصها بالشبهات الموضوعية.
ثانيها : ان الأمثلة المذكورة فيها من قبيل الشبهة الموضوعية ، وليست الحلية في شيء منها مستندة إلى أصالة البراءة والحل ، وانما هي في بعضها مستندة إلى اليد ، وفي بعضها إلى الاستصحاب ، وهي قرينة أو صالحة للقرينية على إرادة خصوص الشبهة الموضوعية.
ثالثها : ان قوله عليهالسلام «أو تقوم به البينة» صالح للقرينية على الاختصاص