وثانيا : انه يمكن استصحاب نفس الترخيص الشرعي المتيقن ثبوته في آن قبل البلوغ الثابت بحديث رفع القلم وأمثاله ، فيترتب عليه القطع بعدم العقاب بلا واسطة.
رابعها : ما عن المحقق النائيني (١) من انه يعتبر في جريان الاستصحاب كون الأثر المرغوب فيه مترتبا على واقع المستصحب ، واما لو كان مترتبا على مجرد الشك في الواقع بخصوصه ، أو على الأعم منه ومن الواقع ، فلا يجري الاستصحاب ، مثلا لو فسرنا التشريع المحرم بإدخال ما لم يعلم انه من الدين ، في الدين أو بالأعم منه ومن إدخال ما ليس من الدين في الدين ، فبمجرد الشك في مشروعية شيء يترتب عليه حرمة استناده إلى المولى ، فإجراء استصحاب عدم المشروعية لإثبات حرمة الاستناد لغو محض ، لأنه تحصيل للحاصل ، بل من أردأ أنحائه ، فانه من قبيل إحراز ما هو محرز بالوجدان بالتعبد ، فإذا فرضنا ان الأثر المرغوب من استصحاب عدم المنع قبل البلوغ ليس إلّا عدم العقاب ، وهذا مترتب بقاعدة قبح العقاب بلا بيان على مجرد الشك في التكليف ، فلا يمكن معه التمسك بالاستصحاب.
وفيه : ان ما ذكر انما يتم لو كان الأثر مترتبا على خصوص الشك ، واما إذا كان الأثر أثرا للجامع فلا مانع من ان يعبدنا الشارع بالواقع ليترتب عليه ذلك الأثر ، والسر في ذلك ان جريان الاستصحاب يرفع موضوع الشك ، ويوجب وصول الواقع إلى المكلف ، فهو بحكم الشارع يكون محرزا للواقع ، والأثر أثر الواقع ، وليس معه شك ليكون من تحصيل الحاصل ولا من أردأ اقسامه. نعم لو لم يجر الاستصحاب كان الشك موجودا ، والأثر مترتبا عليه ، فترتب الأثر على الشك فرع
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ١٩٠ ـ ١٩١.