فعلية موضوعه بجميع قيوده وخصوصياته ، فكما ان خصوصيات الموضوع دخيلة في فعلية التكليف ، فكذلك نفس وجوده ، والملاك في الجميع واحد ، وهو ان فعلية البعث والتحريك تتوقف على وجود الموضوع وكل ما اعتبر فيه من الخصوصيات عقلا أو شرعا.
الصورة الثانية : ان يكون الاضطرار إلى المعين بعد حدوث التكليف وقبل العلم به ، بمعنى أن يكون التكليف حادثا قبل الاضطرار ، والعلم به حادثا بعده ، كما لو علم بعد الاضطرار إلى أحد المائعين بخصوصه بوقوع نجاسة في أحدهما لا بعينه قبل حصول الاضطرار. وقد اتفقت في هذه الصورة كلمات شيخنا الأنصاري والمحقق الخراسانيّ والنائيني (١) قدسسره في الدورة الأخيرة على عدم تنجز العلم الإجمالي ، وهو الصحيح ، وذلك لأن التكليف قبل حصول الاضطرار لم يكن منجزا ، لعدم العلم به ، وبعد الاضطرار غير معلوم أيضا ، لاحتمال وقوع النجاسة في الطرف المضطر إليه. وبعبارة أخرى : قبل حصول الاضطرار إما لم يكن شك في التكليف ، أو كانت الأصول جارية في جميع الأطراف بلا معارضة بينها لعدم العلم الإجمالي ، وعلى كل حال لم تكن الأصول ساقطة بالمعارضة. وأما بعد الاضطرار فلا تكليف في الطرف المضطر إليه قطعا ، لأنه اما لم يكن فيه تكليف من أول الأمر ، أو انه سقط بالاضطرار ، واما الطرف الآخر فالتكليف فيه وان كان محتملا إلّا انه لا مانع من جريان الأصل فيه ، لأنه بلا معارض.
نعم في البين شبهة ، وهي ان أصالة البراءة الجارية في غير الطرف المضطر إليه وان كانت بلا معارض إلّا انها غير جارية ، لوجود أصل حاكم عليها ، وهو قاعدة الاشتغال ، أو الاستصحاب ، وتقريب ذلك : ان التكليف المنكشف بالعلم الإجمالي
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٢٥ (ط. جامعة المدرسين) وكفاية الأصول : ٢ ـ ٢١٦ ، فوائد الأصول : ٤ ـ ٩٤.