وإحراز سقوطه ، ومع الشك فيه كان المرجع أصالة الاشتغال لا محالة.
وان شئت قلت : ان التكليف المعلوم تعلقه بالأقل يشك في سقوطه بإتيان الأقل ، لاحتمال تعلقه بالأكثر ، الملازم لاحتمال عدم سقوطه بترك الجزء المشكوك ، ومع رجوع الشك إلى الشك في السقوط كان المرجع أصالة الاشتغال دون البراءة.
والجواب عنه : ان الواجب بحكم العقل انما هو الإتيان بما علم تعلق التكليف به فرارا عن العقاب المترتب على تركه ، وسقوط التكليف بنفسه ليس من الواجبات العقلية ولا الشرعية ، وانما هو امر ينتزع من الإتيان بمتعلق التكليف خارجا ، فالتكليف المعلوم بالإجمال في المقام وان كان سقوطه في الواقع دائرا مدار الإتيان بتمام متعلقه على ما هو عليه ، إلّا ان سقوطه في حكم العقل أعني به حكمه بالأمن من العقوبة لا يدور مدار ذلك ، بل يدور مدار الإتيان بما علم تعلقه به ، فالأقل المعلوم وجوبه لا بد من الإتيان به ، لأن تركه يستلزم استحقاق العقاب ، واما الزائد عليه فبما انه لم يعلم وجوبه فليس في تركه احتمال العقاب ، فلا يحكم العقل بوجوب الإتيان به. فالإيراد المزبور ناشئ من خلط سقوط التكليف واقعا بسقوطه في حكم العقل ، والواجب هو الثاني دون الأول ، فتدبر.
الثالث : ما أفاده المحقق النائيني قدسسره وحاصله (١) : ان المعلوم بالتفصيل في المقام انما هو تعلق التكليف بالأقل على نحو الإهمال ، الجامع بين كونه بشرط شيء بالإضافة إلى الجزء المشكوك وكونه لا بشرط ، وكما ان التقييد وأخذه بشرط مشكوك فيه ، كذلك الإطلاق ، ومن الواضح ان مثل هذا العلم التفصيليّ الملازم للشك في كل من الخصوصيّتين مقوم للعلم الإجمالي ، فكيف يعقل أن يكون موجبا
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ١٥٩ ـ ١٦٠ ، أجود التقريرات : ٢ ـ ٢٨٨ ـ ٢٨٩.