فالشك في التعيين والتخيير يرجع إلى الشك في الإلزام بما يحتمل كونه عدلا للواجب عند تعذره ، وقد عرفت انه مورد للبراءة. فالنتيجة في هذه الصورة نتيجة التعيين دون التخيير.
ثم ان المحقق النائيني قد استدل على كون الوجوب تعيينيا في خصوص مسألة القراءة والائتمام بما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من ان (سين بلال شين) بتقريب (١) : ان الائتمام لو كان عدلا للقراءة لكان اللازم ان لا يكتفي بذلك ، ويحكم بلزوم الائتمام عليه على تقدير التمكن منه.
ويرد عليه : ان ما يتحمله الإمام من المأمور انما هي القراءة ، وليس فيها حرف الشين ليتعين الائتمام عند تعذر التلفظ به على تقدير كون الوجوب تخييريا ، فالاستدلال المزبور أجنبي عما نحن فيه بالكلية.
واما الصورة الثالثة : فلا أثر فيها للشك فيما إذا لم يتمكن المكلف إلّا من أحد الفعلين ، ضرورة وجوب الإتيان به حينئذ ، اما لكونه واجبا تعينيا ، أو عدلا لواجب تخييري تعذر بعض أطرافه. وانما تظهر الثمرة في صورة التمكن منهما جميعا ، فيدور الأمر بين وجوب الإتيان بهما وجواز الاكتفاء بأحدهما ، وقد ظهر مما ذكرنا ان الحكم هو التخيير ، لأن تعلق التكليف بالجامع أمر معلوم ، وتعلقه بخصوص كل من الفعلين مجهول ، فيرجع إلى البراءة العقلية.
واما القسم الثاني : وهو ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية والطريقية ، فالمرجع فيه هو الحكم بالتعيين ، فان ما علم حجيته المرددة بين كونها تعيينية أو تخييرية قاطع للعذر في مقام الامتثال ومبرأ للذمة في مقام الظاهر ، واما الطرف الآخر المحتمل كونه حجة تخييرا فهو محكوم بعدم الحجية عقلا وشرعا ، لما
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٢١٧ ـ ٢١٨.