/ والثالث : فتح المستغلق من العلوم. قلت : وذلك على ضربين : الأوّل بتوفيق الاستكثار من العلوم الظّاهرة وتحقيق معانيها ، والثانى بفتح باب القلب إلى العلم اللّدنّىّ كما تقدّم بيانه فى «بصيرة العلم»
وقيل فى قوله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) إنه عنى فتح مكّة. وقيل : بل عنى ما فتح عليه من العلوم والهدايات التى هى ذريعة إلى الثواب العظيم ، والمقامات المحمودة التى صارت سببا لغفران ذنوبه.
وفاتحة كل شىء مبدؤه الذى يفتح به ما بعده ، وبه سمّى فاتحة الكتاب. ويقال : افتتح فلان كذا أى ابتدأه ، وفتح عليه كذا : أعلمه ووقّفه عليه : (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ)(١).
وقيل : فى قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) يحتمل النّصر والظفر والحكم وما يفتح الله من المعارف ، وعلى ذلك : (نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ)(٢) وقوله : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ)(٣) أى يوم الحكم ، وقيل يوم إزالة الشّبهة بإقامة القيامة ، وقيل : ما كانوا يستفتحون من العذاب ويطلبونه.
والاستفتاح : طلب الفتح [أو (٤) الفتاح قال : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ)] أى إن طلبتم الظفر أو الفتاح أى الحكم ، أو طلبتم مبدأ الخيرات ، فقد جاءكم ذلك بمجيء النبىّ صلىاللهعليهوسلم. وقوله : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا)(٥) أى يستنصرون ببعثة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : يستعلمون خبره من النّاس مرّة ، ويستنبطونه من الكتب مرّة ، وقيل : يطلبون من الله الظفر بذكره ، وقيل : كانوا يقولون
__________________
(١) الآية ٧٦ سورة البقرة
(٢) الآية ١٣ سورة الصف
(٣) الآية ٢٩ سورة السجدة
(٤) ما بين الحاصرتين من الراغب
(٥) الآية ٨٩ سورة البقرة