إخوانه حتّى تسافكوا دماءهم ، فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم تصديقا لما في التوراة (١).
[٢ / ٢٥٧٠] وأخرج ابن جرير عن أسباط ، عن السدّيّ في قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) قال : إنّ الله أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعضهم بعضا ، وأيّما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه بما قام ثمنه فأعتقوه. فكانت قريظة حلفاء الأوس ، والنضير حلفاء الخزرج ، فكانوا يقتتلون. فتقاتل بنو قريظة مع حلفائها النضير وحلفاءها. وكانت النضير تقاتل قريظة وحلفاءها فيغلبونهم ، فيخرّبون بيوتهم ويخرجونهم منها ، فإذا أسر الرجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتّى يفدوه ، فتعيّرهم العرب بذلك ، ويقولون : كيف تقاتلونهم وتفدونهم؟ قالوا : إنّا أمرنا أن نفديهم وحرّم علينا قتالهم ، قالوا : فلم تقاتلونهم؟ قالوا : إنّا نستحيي أن تستذلّ حلفاؤنا. فذلك حين عيّرهم ـ جلّ وعزّ ـ فقال : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)(٢).
[٢ / ٢٥٧١] وأخرج عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ) يقول : إن وجدته في يد غيرك فديته وأنت تقتله بيدك؟ (٣)
[٢ / ٢٥٧٢] وقال الطبرسي في قوله تعالى : (لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ) : معناه : لا يقتل بعضكم بعضا لأنّ في قتل الرجل منهم الرجل قتل نفسه إذا كانت ملّتهما واحدة ودينهما واحدا. وأهل الدين الواحد بمنزلة الرجل الواحد في ولاية بعضهم بعضا. قال النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما المؤمنون في تراحمهم وتعاطفهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو واحد تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسهر» (٤).
قال : هذا قول قتادة وأبي العالية (٥).
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢١١ ؛ الطبري ١ : ٥٥٧ و ٥٦٢ / ١٢١٠ و ١٢١٧ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٦٣ ـ ١٦٤ / ٨٥٤ و ٨٥٦ و ٨٥٩ و ٨٦٠.
(٢) الطبري ١ : ٥٦٠ / ١٢١٣ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٦٣ ـ ١٦٤ / ٨٥٧ بمعناه ؛ أبو الفتوح ٢ : ٤٢. وكذا عن ابن عبّاس وعكرمة ؛ الثعلبي ١ : ٢٣١.
(٣) الطبري ١ : ٥٦٢ / ١٢١٨ ؛ الثعلبي ١ : ٢٣١.
(٤) البخاري ٧ : ٧٧ ـ ٧٨ ، كتاب الأدب.
(٥) مجمع البيان ١ : ٢٨٨.