سليمان ، وكان يعلم الإسم الأعظم ، وكان يكتب كلّ شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيّه ، فلمّا مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كلّ سطرين سحرا وكفرا ، وقالوا : هذا الذي كان سليمان يعمل به ، فأكفره جهّال الناس وسفاؤهم وسبّوه ، ووقف علماؤهم. فلم يزل جهّالهم يسبّونه حتّى أنزل الله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ). (١)
[٢ / ٢٨٣٨] وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس قال : كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئا من شأنه ، أعطى الجرادة ـ وهي امرأته ـ خاتمه ، فلمّا أراد الله أن يبتلي سليمان بالذي ابتلاه به وأعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه ، جاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها : هاتي خاتمي. فأخذه فلبسه ، فلمّا لبسه دانت له الشياطين والجنّ والإنس ، فجاء سليمان فقال لها : هاتي خاتمي! قالت : كذبت لست سليمان. فعرف أنّه بلاء ابتلي به ، فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيّام كتبا فيها سحر وكفر ، ثمّ دفنوها تحت كرسيّ سليمان ، ثمّ أخرجوها فقرأوها على الناس وقالوا : إنّما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب ، فبرىء الناس من سليمان وأكفروه حتّى بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنزل عليه : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا). (٢)
[٢ / ٢٨٣٩] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال : لمّا ذهب ملك سليمان ارتدّ فئام من الجنّ والإنس واتّبعوا الشهوات ، فلمّا رجع إلى سليمان ملكه وقام الناس على الدين ، ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيّه ، وتوفّي حدثان ذلك (٣) ، فظهر الجنّ والإنس على الكتب بعد وفاة سليمان ، وقالوا : هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه عنّا ، فأخذوه فجعلوه دينا ، فأنزل الله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) أي الشهوات التي كانت الشياطين تتلو ، وهي المعازف واللعب وكلّ شيء يصدّ عن ذكر الله. (٤)
[٢ / ٢٨٤٠] وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : قالت اليهود : انظروا إلى محمّد يخلط
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ؛ النسائي ٦ : ٢٨٨ / ١٠٩٩٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٨٥ / ٩٨٢.
(٢) الدرّ ١ : ٢٣٤ ؛ الطبري ١ : ٦٢٩ ـ ٦٣٠ / ١٣٨٠ ؛ ابن كثير ١ : ١٣٩.
(٣) حدثان ـ بالضمّ ـ جمع حدث بمعنى الشابّ.
(٤) الدرّ ١ : ٢٣٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٨٥ ـ ١٨٦ / ٩٨٤ ؛ الطبري ١ : ٦٢٥ ـ ٦٢٦ / ١٣٧٠.