الحقّ بالباطل ، يذكر سليمان مع الأنبياء ، إنّما كان ساحرا يركب الريح. فأنزل الله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ...) الآية. (١)
[٢ / ٢٨٤١] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية وعن الربيع قال : إنّ اليهود سألوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زمانا عن أمور من التوراة ، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلّا أنزل الله عليه ما سألوا عنه فيخصمهم ، فلمّا رأوا ذلك قالوا : هذا أعلم بما أنزل علينا منّا! وإنّهم سألوه عن السحر وخاصموه به ، فأنزل الله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ...) الآية. وإنّ الشياطين عمدوا إلى كتاب ، فكتبوا فيه السحر والكهانة وما إلى ذلك ، فدفنوه تحت مجلس سليمان ، وكان سليمان لا يعلم الغيب ، فلمّا فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس ، وقالوا : هذا علم كان سليمان يكتمه عن الناس ويحسدهم عليه ، فأخبرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا الحديث ، فرجعوا من عنده وقد حزنوا وأدحض الله حجّتهم. (٢)
[٢ / ٢٨٤٢] وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال : كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأيّ داء أنت؟ فتقول : لكذا وكذا. فلمّا نبتت الشجرة الخرنوبة قال : لأيّ شيء أنت؟ قالت : لمسجدك أخرّبه. قال : تخرّبينه؟ قالت : نعم! قال : بئس الشجرة أنت! فلم يلبث أن توفّي ، فكتب الشياطين كتابا فجعلوه في مصلّى سليمان ، فقالوا : نحن ندلّكم على ما كان سليمان يداوي به ، فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب ، فإذا فيه سحر ورقيّ ، فأنزل الله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) إلى قوله (فَلا تَكْفُرْ). (٣)
[٢ / ٢٨٤٣] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ، قال : ذكر لنا ـ والله أعلم ـ : أنّ الشياطين ابتدعت كتابا فيه سحر وأمر عظيم ، ثمّ أفشوه في الناس وعلّموهم إيّاه! فلمّا سمع بذلك سليمان نبيّ الله عليهالسلام تتبّع تلك الكتب ، فأتي بها فدفنها تحت كرسيّه ، كراهيّة أن يتعلّمها الناس! فلمّا قبض الله نبيّه سليمان عمدت الشياطين فاستخرجوها من مكانها الذي كانت فيه ، فعلّموها الناس ،
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٣٤ ؛ الطبري ١ : ٦٣١ ـ ٦٣٢ / ١٣٨٥ ؛ ابن كثير ١ : ١٤٠ ـ ١٤١.
(٢) الدرّ ١ : ٢٣٥ ـ ٢٣٤ ؛ الطبري ١ : ٦٢٤ ـ ٦٢٥ / ١٣٦٧ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٨٦ / ٩٨٥ ؛ ابن كثير ١ : ١٤٠.
(٣) الدرّ ١ : ٢٣٥ ؛ سنن سعيد بن منصور ٢ : ٥٧٦ ـ ٥٧٧ / ٢٠٤ ؛ أسباب نزول الآيات : ٢٠.