ألف ، وأتبعه فرعون على ألف ألف ومائة ألف حصان (١).
قلت : لا شكّ أن الأرقام مبالغ فيها كثيرا. وسيوافيك بعض الكلام فيه.
[٢ / ١٨١٧] وبإسناده عن ابن عبّاس ، قال : أوحى الله ـ جلّ وعزّ ـ إلى موسى أن (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ)(٢) قال : فسرى موسى ببني إسرائيل ليلا ، فأتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث وكان موسى في ستمائة ألف ، فلمّا عاينهم فرعون قال : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ. وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ)(٣). فسرى موسى ببني إسرائيل حتّى هجموا على البحر ، فالتفتوا فإذا هم برهج (٤) دوابّ فرعون فقالوا : يا موسى (أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا)(٥) هذا البحر أمامنا ، وهذا فرعون قد رهقنا بمن معه. (قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)(٦). قال : فأوحى الله ـ جلّ ثناؤه ـ إلى موسى (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ)(٧) وأوحى إلى البحر : أن اسمع لموسى وأطع إذا ضربك. قال : فبات البحر له أفكل ـ يعني له رعدة ـ لا يدري من أيّ جوانبه يضربه ، قال : فقال يوشع لموسى : بماذا أمرت؟ قال : أمرت أن أضرب البحر. قال : فاضربه! قال : فضرب موسى البحر بعصاه ، فانفلق ، فكان فيه اثنا عشر طريقا ، كلّ طريق كالطود العظيم ، فكان لكلّ سبط منهم طريق يأخذون فيه. فلمّا أخذوا في الطريق ، قال بعضهم لبعض : ما لنا لا نرى أصحابنا؟ قالوا لموسى : أين أصحابنا لا نراهم؟ قال : سيروا فإنّهم على طريق مثل طريقكم. قالوا : لا نرضى حتّى نراهم ـ قال سفيان ، قال عمّار الدهني : ـ قال موسى : اللهمّ أعنّي على أخلاقهم السيّئة! قال : فأوحى الله إليه : أن قل بعصاك (٨) هكذا ـ وأومأ إبراهيم بن بشّار بيده يديرها على البحر ـ قال : فضرب موسى بعصاه على الحيطان (٩) هكذا ، فصار فيها كوى ينظر بعضهم إلى بعض ، قال سفيان : قال أبو سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس : فساروا حتّى خرجوا من البحر ،
__________________
(١) الطبري ١ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥ / ٧٦٣ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ / ٥٢ ؛ ابن كثير ١ : ٩٤ ـ ٩٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٠٦ ـ ١٠٧ / ٥٠٨ ؛ القرطبي ١ : ٣٨٩ ـ ٣٩٠.
(٢) الدخان ٤٤ : ٢٣.
(٣) الشعراء ٢٦ : ٥٤ ـ ٥٦.
(٤) الرهج : الغبار.
(٥) الأعراف ٧ : ١٢٩.
(٦) الأعراف ٧ : ١٢٩.
(٧) الشعراء ٢٦ : ٦٣.
(٨) قل بعصاك : أي أشر بعصاك.
(٩) أي حيطان البحر.