رويدا يلحق آخركم أوّلكم. فجعل كلّ سبط في البحر يقولون للسبط الّذين دخلوا قبلهم : قد هلكوا. فلمّا دخل ذلك قلوبهم ، أوحى الله جلّ وعزّ إلى البحر ، فجعل لهم قناطر ينظر هؤلاء إلى هؤلاء ، حتّى إذا خرج آخر هؤلاء ودخل آخر هؤلاء أمر الله البحر فأطبق على هؤلاء (١).
[٢ / ١٨٢٠] وروى الراوندي بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ فرعون بنى سبع مدائن ، فتحصّن فيها من موسى ، فلمّا أمره الله أن يأتي فرعون جاءه ودخل المدينة ، فلمّا رأته الأسود بصبصبت بأذنابها ، ولم يأت مدينة إلّا انفتح له بابها حتّى انتهى إلى التي هو فيها ، فقعد على الباب وعليه مدرعة من صوف ومعه عصاه ، فلمّا خرج الإذن ، قال له موسى ـ صلوات الله عليه ـ : إنّي رسول ربّ العالمين إليك. فلم يلتفت ، فضرب بعصاه الباب ، فلم يبق بينه وبين فرعون باب إلّا انفتح فدخل عليه ، فقال : أنا رسول ربّ العالمين. فقال : ائتنى بآية! فألقى عصاه وكان له شعبتان ، فوقعت إحدى الشعبتين في الأرض والشعبة الأخرى في أعلى القبّة ، فنظر فرعون إلى جوفها وهي تلهب نارا ، وأهوت إليه فأخذت فرعون ، وصاح يا موسى خذها ، ولم يبق أحد من جلساء فرعون إلّا هرب ، فلمّا أخذ موسى العصا ورجعت إلى فرعون نفسه همّ بتصديقه ، فقام إليه هامان وقال : بينا أنت إله تعبد إذ أنت تابع لعبد ؛ اجتمع الملأ وقالوا : هذا ساحر عليم ، فجمع السحرة لميقات يوم معلوم ، فلمّا ألقوا حبالهم وعصيّهم ألقى موسى عصاه فالتقمتها كلّها ، وكان في السحرة اثنان وسبعون شيخا خرّوا سجّدا. ثمّ قالوا لفرعون ما هذا سحر ، لو كان سحرا لبقيت حبالنا وعصينا. ثمّ خرج موسى ـ صلوات الله عليه ـ ببني إسرائيل يريد أن يقطع بهم البحر ، فأنجى الله موسى ومن معه وغرق فرعون ومن معه ، فلمّا صار موسى في البحر اتّبعه فرعون وجنوده ، فتهيب فرعون أن يدخل البحر ، فمثّل جبرئيل على ماديانة وكان فرعون على فحل ، فلمّا رأى قوم فرعون الماديانة اتّبعوها ، فدخلوا البحر فغرقوا ، وأمر الله البحر فلفظ فرعون ميتا حتّى لا يظن أنّه غائب وهو حيّ. ثمّ إنّ الله تعالى أمر موسى أن يرجع ببني إسرائيل إلى الشام ، فلمّا قطع البحر بهم مرّ على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا : يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهه؟ قال : إنّكم قوم تجهلون ، ثمّ ورث بنو إسرائيل ديارهم وأموالهم ، فكان الرجل يدور على دور كثيرة ويدور على النساء» (٢).
__________________
(١) الطبري ١ : ٣٩٧ / ٧٦٦.
(٢) قصص الأنبياء ـ الراوندي : ١٥٨ ـ ١٥٩ / ١٦٨.