قلت : حديث غريب وفيه بعض المناكير.
[٢ / ١٨٢١] وجاء فيما ذكره الجزائري : فأوحى الله إلى موسى : (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) فخرج موسى ببني إسرائيل ليقطع بهم البحر ، وجمع فرعون أصحابه (وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) وحشر الناس وقد تقدّم مقدمته في ستّمائة ألف وركب هو في ألف وألف وخرج ، كما حكى الله ـ عزوجل ـ : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ) فلمّا قرب موسى من البحر وقرب فرعون من موسى قال أصحاب موسى : (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)(١) ـ أي سينجيني ـ فدنا موسى من البحر فقال له : انفرق ، فقال له البحر : استكبرت يا موسى أن تقول لي : انفرق ولم أعص الله طرفة عين وقد كان فيكم العاصي ، فقال له موسى : فاحذر أن تعصي ، وقد علمت أنّ آدم أخرج من الجنّة بمعصيته ، وإنّما لعن إبليس بمعصيته! قال البحر : عظيم ربّي مطاع أمره. فقام يوشع بن نون فقال لموسى : يا رسول الله ما أمرك ربّك؟ فقال : بعبور البحر ، فاقتحم فرسه الماء ، وأوحى الله إلى موسى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) فضربه ، فكان كلّ فرق كالطود العظيم فضرب له في البحر اثنى عشر طريقا فأخذ كلّ سبط في طريق ، فكان قد ارتفع الماء وبقيت الأرض يابسة طلعت فيها الشمس ويبست ودخل موسى البحر وكان أصحابه اثنى عشر سبطا ، فضرب الله لهم في البحر اثني عشر طريقا ، فأخذ كلّ سبط في طريق وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى في طريقه فقالوا : يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم : معكم في البحر ، فلم يصدّقوه ، فأمر الله البحر فصار طرقات حتّى كان ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدّثون وأقبل فرعون بجنوده فلمّا انتهى إلى البحر قال لأصحابه : ألا تعلمون أنّ ربّكم الأعلى قد فرج لكم البحر؟ فلم يجسر أحد أن يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء ، فتقدّم فرعون فقال له منجمّه : لا تدخل البحر وعارضه ، فلم يقبل منه وأقبل إلى فرس حصان فامتنع الفرس أن يدخل الماء ، فعطف عليه جبرئيل عليهالسلام وهو على ماديانة فتقدّمته ودخل فنظر إلى الرمكة (٢) فطلبها ودخل البحر واقتحم أصحابه خلفه ، فلمّا دخلوا كلّهم حتّى كان آخر من دخل من أصحابه وآخر من خرج من أصحاب موسى ، أمر الرياح فضربت البحر بعضه ببعض ، فأقبل الماء يقع عليه مثل الجبال فقال فرعون عند ذلك : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
__________________
(١) الشعراء ٢٦ : ٥٢ ـ ٦٢.
(٢) الرمكة : البرذونة تتّخذ للنسل.