بهم فيمكّنهم من نفسه.
فانطلقوا حتّى ارتقوا ذلك (١) الجبل الذي فيه إلياس عليهالسلام ثمّ تفرّقوا فيه ، وهم ينادونه بأعلى صوتهم ، ويقولون : يا نبيّ الله ، ابرز لنا ، فإنّا آمنّا بك ، فلمّا سمع إلياس مقالتهم طمع في إيمانهم فكان في مغار (٢) ، فقال : اللهمّ إن كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي في النزول إليهم ، وإن كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم ، فما استتمّ قوله حتّى حصبوا بالنار من فوقهم فاحترقوا.
فبلغ الملك خبرهم ، فاشتدّ غيظه (٣) ، فانتدب كاتب امرأته المؤمن وبعث معه جماعة إلى الجبل ، وقال له : قد آن أن أتوب ، فانطلق لنا إليه حتّى يرجع إلينا يأمرنا وينهانا بما يرضى ربّنا وأمر قومه فاعتزلوا الأصنام.
فانطلق كاتبها والفئة الذين أنفذهم معه حتّى علا إلى الجبل الذي فيه إلياس ، ثمّ ناداه فعرف إلياس صوته ، فأوحى الله تعالى إليه أن ابرز إلى أخيك الصالح وصافحه وحيّه ، فقال المؤمن : بعثني إليك هذا الطاغي وقومه وقصّ عليه (٤) ما قالوا.
ثمّ قال : وإنّي لخائف إن رجعت إليه ولست معي أن يقتلني ، فأوحى الله جلّ وعزّ تعالى إلى إلياس عليهالسلام : أنّ كلّ شيء جاءك منهم خداع ليظفروا بك ، وأنّي أشغله عن هذا المؤمن بأن أميت ابنه ، فلمّا قدموا عليه شدّد الله الوجع على ابنه ، وأخذ الموت بكظمه ورجع إلياس سالما إلى مكانه ، فلمّا ذهب الجزع عن الملك بعد مدّة سأل الكاتب عن الذي جاء به فقال : ليس لي به علم.
__________________
(١) في «ر» «س» : (إذا ارتقوا) بدلا من : (ارتقوا ذلك).
(٢) في البحار : (مغارة).
(٣) في «ر» «س» : (غضبه).
(٤) في «ر» «س» زيادة : (القصّة و).