فباعوني عبدا من رجل يهودي ، فو الله لقد رأيت النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت لي فيه صاحبي حتّى قدم رجل من بني قريظة من يهود وادي القرى ، فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده ، فخرج حتّى قدم بي المدينة.
فو الله ما هو إلّا أن رأيتها وعرفت نعتها ، فأقمت مع صاحبي ، وبعث الله رسوله بمكّة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من الرقّ حتّى قدم (١) رسول الله صلىاللهعليهوآله قبا وأنا اعمل لصاحبي في نخل له ، فو الله إنّي لكذلك إذ (٢) قد جاء ابن عمّ له فقال : قاتل الله بني قيلة ، والله إنّهم لفي قبا يجتمعون على رجل جاء من مكّة يزعمون أنّه نبيّ ، فو الله ما هو إلّا قد سمعتها ، فأخذتني الرعدة حتّى ظننت لأسقطنّ على صاحبي ، ونزلت أقول : ما هذا الخبر؟ ما هو؟ فرفع مولاي يده فلكمني (٣).
فقال : مالك ولهذا؟ أقبل على عملك.
فلمّا أمسيت وكان عندي شيء من طعام فحملته وذهبت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله بقبا ، فقلت : بلغني أنّك رجل صالح وأنّ معك أصحابا ، وكان عندي شيء من الصدقة فها هو ذا فكل منه ، فأمسك رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال لأصحابه : كلوا ولم يأكل.
فقلت في نفسي : هذه خصلة ممّا وصف لي صاحبي ، ثمّ رجعت وتحوّل رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى المدينة ، فجمعت شيئا كان عندي ثمّ جئته به فقلت : إنّي قد رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هديّة وكرامة ليست بالصدقة ، فأكل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأكل أصحابه.
فقلت : هاتان خلّتان.
ثمّ جئت رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يتبع جنازة وعليه شملتان وهو في أصحابه ،
__________________
(١) في «م» : (أتى).
(٢) قوله : (لكذلك إذ) سقط من النسخ وأثبتناه من البحار.
(٣) اللكم : الضرب بتمام الكفّ.