الْماكِرِينَ)(١) وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلا وكتموا أمره ، فقال أبو لهب : بل نحرسه ، فإذا أصبحنا دخلنا عليه ، فقاموا حول حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يفرش له ، وقال لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام : أفدني بنفسك ، فقال : نعم يا رسول الله ، قال : نم على فراشي والتحف ببردتي ، فقام وجاء جبرئيل عليهالسلام فقال : اخرج والقوم يشرفون على الحجرة فيرون فراشه وعليّ عليهالسلام نائم عليه ، فيتوهّمون أنّه رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فخرج رسول الله وهو يقرأ : «يس» إلى قوله : (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)(٢) وأخذ ترابا بكفّه ونثره عليهم وهم نيام ومضى ، فقال جبرئيل عليهالسلام : يا محمّد ، خذ ناحية ثور ، وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور ، فمرّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وتلقّاه أبو بكر في الطريق ، فأخذ بيده ومرّ به ، فلمّا انتهى إلى ثور دخل الغار.
فلمّا أصبحت قريش وأضاء الصبح ، وثبوا في الحجرة وقصدوا الفراش ، فوثب عليّ عليهالسلام إليهم وقام في وجوههم ، فقال لهم : مالكم؟ قالوا : أين ابن عمّك؟ قال عليّ عليهالسلام : جعلتموني عليه رقيبا؟ ألستم ، قلتم له : اخرج عنّا؟ فقد خرج عنكم فما تريدون؟ فأقبلوا عليه يضربونه ، فمنعهم أبو لهب ، وقالوا : أنت كنت تخدعنا منذ الليلة؟ فلمّا أصبحوا تفرّقوا في الجبال.
وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له : أبو كرز ، يقفو الآثار ، فقالوا له : يا أبا كرز ، اليوم اليوم ، فما زالوا يقفون أثر رسول الله حتّى وقف على باب الغار ، فقال : هذه قدم محمّد ، هي والله أخت القدم التي في المقام ، فلم يزل بهم حتّى وقّفهم على باب الغار ، وقال : ما جاوزوا هذا المكان ، إمّا أن يكونوا صعدوا إلى السماء ، أو دخلوا الأرض ، فبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار ، وجاء فارس من
__________________
(١) الأنفال : ٣٠.
(٢) يس : ٩.