إنّي رسول الله ، إنّ الله قد وعدني النصر فإلى أين الفرار؟
قال الصادق عليهالسلام : انهزم الناس عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فغضب غضبا شديدا ، وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل اللؤلؤ من العرق ، فنظر فإذا عليّ إلى جنبه ، فقال : مالك لم تلحق ببني أبيك؟ فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ، أكفر بعد إيمان؟ إنّ لي بك أسوة ، فقال : أما فاكفني هؤلاء ، فحمل عليّ فضرب أوّل من لقي منهم ، فقال جبرئيل عليهالسلام : إنّ هذه لهي المواساة يا محمّد ، فقال : إنّه منّي وأنا منه ، قال جبرئيل عليهالسلام : وأنا منكما (١).
وثاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله جماعة من أصحابه ، وأصيب من المسلمين رجال منهم حمزة وثلاث أخر (٢) من المهاجرين (٣) ، وقام أبو سفيان ونادى : أحيّ ابن أبي كبشة ، فأمّا ابن أبي طالب فقد رأيناه مكانه ، فقال عليّ عليهالسلام : إي والذي بعثه ، وإنّه ليسمع كلامك ، فقال أبو سفيان لعليّ : إنّ ابن قميئة أخبرني أنّه قتل محمّدا وأنت أصدق منه ، ثمّ ولّى إلى أصحابه وقال : اتّخذوا الليل جملا وانصرفوا.
ثمّ عاد رسول الله صلىاللهعليهوآله ونادى عليّا عليهالسلام فقال : اتبعهم فانظر أين يريدون؟ فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنّهم يريدون المدينة ، وإن كانوا ركبوا الإبل وساقوا الخيل فهم متوجّهون إلى مكّة (٤).
__________________
(١) إعلام الورى ١ : ١٧٧ ، أخرج نحوه في الكافي ٨ : ١١٠ / ٩٠ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ١٢٤ ، تارخ الطبريّ ٢ : ٥١٤ ، ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار ٢٠ : ٩٥ / ضمن ح ٢٨.
(٢) في إعلام الورى ١ : ١٧٨ : هم عبد الله بن جحش ومصعب بن عمير وشماس بن عثمان بن الرشيد.
(٣) إعلام الورى ١ : ١٧٨ ، انظر : المغازي للواقديّ ١ : ٣٠٠ ، سيرة ابن هشام ٣ : ١٢٩ ، ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار ٢٠ : ٩٥ / ضمن ح ٢٨.
(٤) في إعلام الورى ١ : ١٨١ زيادة : (وقيل : إنّه بعث لذلك سعد بن أبي وقّاص فرجع) ، وانظر : المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٩٣ ، المغازي للواقديّ ١ : ٢٨٦ ، سيرة ابن هشام ٣ : ٩٦ ـ ١٠٠ ، تاريخ الطبريّ ٢ : ٥٢٧ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٦٠ ، ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار ٢٠ : ٩٦ / ضمن ح ٢٨.