الاستعمالي عن المراد الجدي على وجه القطع.
ولكن أُلفت نظر القارئ إلى أُمور ثلاثة لها دور في المقام :
١. انّ علاج هذه الاحتمالات ليس من وظائف الظواهر حتى يوصف كشف الظواهر عن المراد الجدي بالظنية ، وذلك لما عرفت من أنّ المطلوب من الظواهر ليس إلا شيء واحد وهو إحضار المعاني في ذهن المخاطب ، وأمّا الاحتمالات المذكورة وكيفية دفعها فليس لها صلة بالظواهر حتى يوصف كشفها لأجلها بأنّه ظني.
٢. انّ بعض هذه الاحتمالات موجودة في النصوص فيحتمل فيه كون المتكلم لاغياً ، أو هازلاً ، أو مورّياً أو متّقياً أو غير ذلك من الاحتمالات ، مع ذلك نرى أنّهم يعدونها من القطعيات.
٣. ثمّ إنّ القوم عالجوا هذه الاحتمالات بادّعاء وجود أُصول عقلائية دافعة لها ، كأصالة كون المتكلّم في مقام الإفادة ، لا الهزل ولا التمرين ، بدافع نفسي ، لا بدافع خارجي كالخوف وغيره.
ويدل على ما ذكرنا أيضاً انّ الحياة الاجتماعية مبنيّة على المفاهمة بالظواهر ، ففي مجال المفاهمة والتفاهم بين الأُستاذ والتلميذ والبائع والمشتري والسائس والمسوس ، عليه تدور الجمل حول ما يهمهما ويعتبر المخاطبُ دلالة كلام المتكلّم دلالة قطعية لا ظنية ، إلا إذا كان هناك إبهام أو إجمال. أو جريان عادة على فصل الخاص والقيد عن الكلام.
وبذلك خرجنا بأن كشف الظواهر عن المراد الاستعمالي ، بل المراد الجدي ، على ما عرفت أخيراً في مجال المفاهمة ، لا في مقام التقنين كشف قطعي ولا يُعرَّج إلى تلك الشكوك.