وبذلك يعلم انّ التمثيل بالامتناع الوقوعي بتعدد الآلهة استلهاماً من قوله سبحانه : ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلا اللّهُ لَفَسَدَتا ) (١) غير تام ، لأنّ المراد منه ما يتمحّض امتناعه في الوقوع ، وليس تعدد الآلهة كذلك فإنّ امتناعهما لا يتمحض في الوقوع بل هو ممتنع ذاتاً قبل الحكم عليه بالامتناع وقوعاً. نعم الآية الكريمة كفيلة ببيان امتناعه وقوعاً.
ج. الإمكان الاحتمالي ، ويراد منه عدم الجزم بامتناع الشيء بمجرّد سماعه ، وهو الذي أشار إليه الشيخ الرئيس في كلامه ، وقال :
كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان مالم يذدك عنه واضح البرهان.
والفرق بين المعاني الثلاثة واضح ، فالإمكان الماهوي وصف للماهية بما هي هي ، كما أنّ الثاني وصف لها بما انّه لا تترتب على وجودها مفسدة في مقابل ما يترتب على وجودها من مفسدة ، والمراد من الثالث احتمال الإمكان والامتناع فالإمكان بالمعنى الثالث يجتمع مع الممكن والممتنع بالذات والممتنع وقوعاً.
والإمكان بالمعنى الثالث لا يحتاج إلى الدليل ، إذ ليس فيه قضاء ولا حكم بخلاف الإمكان بالمعنيين الأوّليين فبما انّهما يحملان حكماً لا يصحّ الحكم بهما بلا دليل.
ما هو محل النزاع من معاني الإمكان؟
الظاهر انّ الإمكان بالمعنى الأوّل خارج عن محطّ النزاع ، إذ لا يشك أحد في إمكان التعبد بالخبر الواحد ذاتاً وماهية وانّ نسبة التعبد وعدمها بالنسبة إليه
__________________
١. الأنبياء : ٢٢.