يسقط به التكليف القطعي ، وذلك لاستقلال العقل بأنّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة العقلية والضرر المحتمل ( العقاب الأُخروي المحتمل ) غير مدفوع بالامتثال الظنّي وإنّما يدفع إذا خرج عن العهدة باليقين.
الثاني : قد وقع الخلاف في إمكان التعبد بالظن وعدمه ، فعن ابن قِبَة ادّعاء امتناع التعبد ، وعن غيره إمكان التعبد ، غير انّ القائلين بالإمكان اختلفوا في ورود الأمر بالعمل من الشارع وعدمه ، فالمرتضى وابن البراج والطبرسي على عدم الورود ـ بعد تسليم إمكانه ـ وغيرهم على ثبوت الورود ، فيقع الكلام في مقامين :
الأوّل : إمكان التعبد بالظن وعدمه.
الثاني : في ورود الأمر بالتعبد بالظن وعدمه.
المقام الأوّل : إمكان التعبد بالظن وعدمه
ما هو المراد من الإمكان في كلام النافي والمثبِتْ؟ فهناك احتمالات :
ألف. الإمكان الذاتي بمعنى مساواة نسبة الحجّية وعدمها إلى الظن نظير نسبة الوجود والعدم إلى ماهية الإنسان.
ب. الإمكان الوقوعي بمعنى كون الشيء ممكناً في ذاته ولا يترتب على وقوعه في الخارج أيّ فساد ، مثل إدخال المطيع في النار فانّه وإن كان أمراً ممكناً بالذات ، لأنّه سبحانه كما هو قادر على الحسن قادر على القبيح أيضاً لكن لا يصدر عنه لمخالفته عدله وحكمته ، فهو ممكن بالذات غير ممكن وقوعاً.
ونظيره قول أصحاب الهيئة البطليموسية بامتناع الخرق والالتئام في الأفلاك التسعة لا بمعنى عدم إمكانهما الذاتي بل بمعنى ترتب مفاسد عليها في عالم النظام ، فالخرق والالتئام غير ممكن وقوعاً لا ذاتاً ، وعلى ذلك رتبوا كون معراج النبي روحياً لا جسمانياً لاستلزام الثاني الخرق والالتئام.