قلت : إنّ للخبر دوراً في إفادة الاطمئنان ، ولذلك اعتبرنا من الضعيف ، القسمين الأوّلين.
وهذا هو المختار في باب حجّية الخبر الواحد ، وهو خِيرة الشيخ الأعظم في الفرائد ، قال : والإنصاف انّ الدال منها لم يدل إلا على وجوب العمل بما يفيد الوثوق والاطمئنان بمؤدّاه ، وهو الذي فسر الصحيح في مصطلح القدماء.
والمعيار فيه أن يكون احتمال مخالفته للواقع بعيداً بحيث لا يعتني به ( الاحتمال ) العقلاء ولا يكون غيرهم موجباً للتحيّـر والتردّد. (١)
الخامس (٢) : الاستدلال على حجّية الخبر الواحد بالعقل
وقد استدل على حجّية الخبر الواحد بتقارير ثلاثة :
الأوّل : إجراء الانسداد الصغير في مورد الأخبار
انّا نعلم إجمالاً بصدور كثير من الأخبار المودعة فيما بأيدينا من الكتب ولا سبيل إلى منع العلم بذلك ، ونحن مكلّفون بما تضمنته هذه الأخبار من الأحكام ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر لا يجب الاحتياط في الأخذ بجميعها الأعم من المظنون والمشكوك والموهوم لعدم إمكانه أو تعسره ، ولا يجوز الرجوع إلى الأُصول العملية لمنافاته للعلم الإجمالي بالتكاليف الموجودة فيها ، فيجب الأخذ بمظنون الصدور فقط ، لأنّ الأخذ بمشكوكه أو موهومه ترجيح للمرجوح على الراجح.
__________________
١. الفرائد : ١٠٦ ، طبعة رحمة اللّه.
٢. وقد عرفت انّ السيرة دليل مستقل وراء الإجماع ، فيكون العقل دليلاً خامساً.