أبناءهم قال سبحانه : ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُم ) (١). وقال سبحانه : ( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ) (٢). فالآية تدل على تحريم كتمان البيّنات وبالتالي تدل على وجوب القبول وإلا لغت حرمة الكتمان.
يلاحظ عليه : أنّ إيجاب البيان بلا قبول أصلاً يستلزم كونه لغواً وأمّا إذا كان القبول مشروطاً بالتعدد أو بحصول الاطمئنان أو العلم القطعي فلا تلزم اللغوية نظير تحريم كتمان الشهادة ، قال سبحانه : ( وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ). (٣)
ومع أنّ إظهار الشهادة واجب ولكن قبولها مشروط بالتعدّد ، وأمّا قياس المورد بحرمة الكتمان على النساء كما ورد في قوله سبحانه : ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ في أَرْحامِهِنَّ ) (٤) فقياس مع الفارق ، إذ ليس في موردها من تضم شهادته إلى شهادتها ، فلا محيص من قبولها ، وهذا بخلاف شهادة الشاهد وأخبار الراوي فانّ لها صوراً مختلفة كما أوضحناه.
أضف إلى ذلك انّ الآية بصدد بيان تحريم الكتمان على العلماء ، نظير قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا ظهرت البدع ، فعلى العالم أن يُظهر علمَه » وأمّا ما هو شرط القبول فهو موكول إلى الأدلّة الأُخرى.
الآية الرابعة : آية السؤال
قال سبحانه : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْأَلُوا أَهْلَ
__________________
١. الأنعام : ٢٠.
٢. البقرة : ٨٩.
٣. البقرة : ٢٨٣.
٤. البقرة : ٢٢٨.