وأورد الشيخ على هذا التقرير إشكالات ثلاثة ، لم يتعرض المحقّق الخراساني لثانيها ، وردّ الإشكال الأوّل في مقام تقرير الدليل ، وقَبِلَ الإشكال الثالث ، وصار الدليل لأجل الإشكال الثالث ، عقيماً.
تقرير الإشكال : انّ العمل بالخبر المظنون الصدور لأجل كونه موصلاً إلى الظن بصدور الحكم الشرعي ، فيجب العمل بكلّ أمارة لها هذا الوصف ، أي كلّ أمارة تفيد الظن بصدور الحكم ، فعندئذ يكون الخبر والشهرة الفتوائية والإجماع المنقول سواسية.
وهذا الإشكال هو الذي أجاب عنه المحقّق الخراساني في ضمن تقرير الدليل من دون أن يشير إلى الإشكال والجواب.
وحاصل ما دفع به الإشكال في ضمن التقرير : انّ العلم الإجمالي بالتكاليف بين مطلق الأمارات ينحلّ بالعلم بها تفصيلاً عن طريق الاخبار ، وعندئذ ينحل العلم الإجمالي بثبوت التكاليف بين الروايات وسائر الأمارات إلى العلم التفصيلي بالتكاليف في مضامين الأخبار الصادرة المعلومة تفصيلاً والشكّ البدوي في ثبوت التكاليف في مورد سائـر الأمارات غير المعتبرة ـ كالشهرة الفتوائية والإجماع المنقول ـ.
توضيحه : انّ هنا علماً إجمالياً كبيراً ، وهو العلم بالتكاليف في ضمن الأمارات على وجه الإطلاق ; وعلماً إجمالياً صغيراً ، وهو العلم بالتكاليف في ضمن الأخبار التي بأيدينا بأقسامها الثلاثة : المظنونة ، المشكوكة ، أو الموهومة. والشيخ يدّعي انّه لا ينحل العلم الإجمالي الكبير بعزل الأخبار عنه ، بل يبقى العلم الإجمالي بحاله لوجود العلم بالتكليف في ضمن سائر الأمارات فيجب الاحتياط في الجمع ، ولكن المحقّق الخراساني يدّعي انحلال الكبير بعزل الأخبار منها بل بعزل قسم عظيم منه كالتسعين بالمائة من الأخبار فلا يجب الاحتياط في الاخبار.