وحينئذ يقع الكلام في بيان ما هو الميزان للانحلال وعدمه.
أقول : الميزان في الانحلال وعدمه هو انّه لو كان عدد التكاليف الموجودة في دائرة العلم الإجمالي الكبير مساوياً مع العدد المعلوم في دائرة العلم الإجمالي الصغير ، ينحلُّ قطعاً ، ويكفي في الانحلال احتمال الانطباق ولا يلزم العلم بالانطباق بخلاف ما إذا كان العدد المعلوم في الثانية أقلّ من العدد المعلوم في الأُولى.
مثلاً لو علمنا بأنّ في قطيع الغنم التي فيها البيض والسود ، عشر شياه محرمة ، ثمّ علمنا انّ في خصوص السود منها عشر شياه محرمة واحتملنا أن يكون المحرّمة في الثانية نفس الشياه المحرمة في الأُولى ، فبعزل الشياه السود ينحلّ العلم الإجمالي الأوّل وإن كانت دائرته أوسع ، إذ مع العزل لا يبقى علم إجمالي أبداً ، بخلاف ما إذا كان العدد المعلوم في الثانية أقلّ ، كما إذا علم وراء العلم الإجمالي في القطيع ، بوجود خمسة شياه محرمة في السود منها ، إذ عندئذ لا ينحل وإن عزل عن القطيع.
هذه هي الضابطة ، وأمّا انّ المقام من قبيل أي من القسمين فهو أمر وجداني لا برهاني ، فلو قلنا : إنّ عدد التكاليف المعلومة في دائرة العلم الإجمالي الكبير لا يزيد على العدد المعلوم في دائرة الإجمالي الصغير ، فبعزل الاخبار بل بعزل قسم عظيم منها ، ينحل العلم الإجمالي الكبير ، فلا يجب الاحتياط في سائر الأمارات كالشهرات والإجماعات المنقولة ؛ وأمّا لو كان العدد المعلوم في الدائرة الأُولى أكثر يبقى العلم الإجمالي الكبير بحاله ـ وإن عزلت الأخبار ـ فلا يختص الاحتياط بخصوص الأخبار ، بل يجب فيها وفي سائر الأمارات.
ولعلّ الحقّ مع الشيخ بالنظر إلى ما نقلناه عن سيد مشايخنا البروجردي من أنّ في الفقه الشيعي مسائل كثيرة ليس لها دليل سوى الشهرة الفتوائية ، وهذا