سيان ، ولو كان هناك نزاع فإنّما هو في الإمكان الوقوعي ، وانّه هل يترتب على التعبد الفساد أو لا؟ فابن قبة على الأوّل ، والآخرون على الثاني ، وسيوافيك كلام ابن قبة وهو ظاهر في أنّ هناك مانعاً خارجيّاً عن التعبد بالظن ويستشهد بأنّه يستلزم تحليل الحرام أو تحريم الحلال بمعنى أنّ هذا التالي الفاسد يصدّنا عن القول بصدور التعبد عن الشارع.
ومن هنا يعلم انّ الاستدلال على الإمكان الوقوعي بالإمكان الاحتمالي غير تام ، لأنّ الإمكان الاحتمالي لا يتضمن دعوى ولا حكماً بل هو بمعنى احتمال كلا الطرفين : الإمكان الذاتي والامتناع الذاتي ، وهذا بخلاف الإمكان الوقوعي فانّه يتضمن الحكم بإمكانه بالذات وإمكانه وقوعاً ، فكيف يستدل بالإمكان الاحتمالي على الوقوعي.
نعم يمكن أن يقال لا حاجة إلى إثبات الإمكان الوقوعي بل يكفي الإمكان الاحتمالي إذا ثبت بالدليل القطعي وقوع التعبد بالظن في الشريعة ، فانّ أدلّ دليل على إمكانه ، وقوعه.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني حمل الإمكان الوارد في كلامهم على معنى رابع وهو الإمكان التشريعي قائلاً بأنّ النزاع في أنّه هل يلزم من التعبد بالأمارات محذور في عالم التشريع من تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة واجتماع الحكمين المتضادين أو لا؟وليس المراد من الإمكان ، الإمكان التكويني بحيث يلزم عن التعبد بالظن محذور في عالم التكوين.
يلاحظ عليه : أنّ الإمكان التشريعي بهذا المعنى قسم من الإمكان التكويني وليس قسيماً له ، فانّ التوالي المتوهمة تعدّ أُموراً ممتنعة في صفحة الوجود والتكوين ، وكون مورد الإمكان تشريع التعبد بالظن ، لا يوجب عدّه قسماً مستقلاً.
إذا علمت هذا ، فلنرجع إلى دراسة أدلّة القول بالامتناع.