وقد مرّ ما هو الحقّ عندنا في مقدّمات علم الأُصول ، فلاحظ.
الرابع : الظاهر من غير واحد من قدماء الأصحاب عدم ورود الدليل على جواز العمل بخبر الواحد وصرح به المرتضى في الذريعة ، (١) وابن إدريس في السرائر في مواضع كثيرة ، ونقل عن القاضي ابن البراج والطوسي. وأمّا الشيخ الطوسي فقال بحجيته ، إجمالاً ، ولكن اختلفت كلماته في كتاب العدّة في تحديدها إلى أقوال أربعة :
١. حجّية قول الثقة ، والمراد منها هو العادل.
٢. حجّية غير المطعون من أصحابنا ، فيعم الثقة والممدوح والمهمل.
٣. حجّية قول الفاسق أيضاً إذا كان متحرزاً عن الكذب ، قائلاً بأنّ الفسق بالجوارح يمنع عن قبول الشهادة وليس بمانع عن قبول خبره.
٤. حجّية ما يرويه المتهمون المضعَّفون إذا كان هناك ما يعضد روايتهم ويدل على صحّتها وإلا وجب التوقف. (٢)
إلا أنّ المعروف بين المتأخرين هو الحجّية ، ولعلّ النزاع بين المتقدمين والمتأخّرين أشبه باللفظي ، فالجميع يعملون بما دوّن في الكتب الأربعة ، غير انّ المتقدّمين يرون أكثرها مقرونة بالقرائن المفيدة للعلم فيعملون بها ، والمتأخرون يقولون بحجّية أخبار الاخبار فيعملون بها.
إذا عرفت هذه المقدّمات فلنذكر دليل القائل بعدم الحجّية فقد استدلوا بوجوه.
__________________
١. الذريعة : ٢ / ٥٢٩.
٢. لاحظ العدة : ١ / ٣٣٦ ـ ٣٦٧ ، طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.