وربما يكون بينهما اختلاف في فهم المراد مع الاتفاق على اللفظ ، وهذا هو المطلوب في المقام. والآية لا تفي بذلك ، لأنّها تركّز على الإنذار ، وهو الإبلاغ مع التخويف ، بحيث يكون نقله وفهمه منها حجّة على المنقول إليه ، وهذا لا ينطبق إلا على المجتهد بالنسبة إلى مقلِّده ، فالآية تركز على أنّ الراوي إذا تفقّه في الدين وفهمه ثمّ بلغه مع الإنذار ، يجب على السامع ، الحذر والقبول وأين هذا ، من حجّية مجرّد حكاية قول الإمام للطرف ، بلا قيمة لفهمه من الدين ودركه من الرواية وإنذاره حسب ما فهم؟ (١)
والظاهر انّ الإشكال وجيه خصوصاً بالنسبة إلى لفظة ( ليتفقّهوا في الدين ) فانّه عبارة عن فهم الدين حقيقة ، فالآية تنص على أنّه يجب على طائفة التفقه في الدين ، ثمّ إبلاغ رسالات اللّه إليهم بالتخويف والإنذار ، وهذا لا يقع إلامن شخصين :
١. كون المنذر واعظاً ينذر الناس بما يعلمه الناس من الحلال والحرام ، فيكون دوره هو التذكير ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنين ). (٢)
٢. كون المنذر فقيهاً فهيماً للدين مبلِّغاً لأحكام اللّه سبحانه مع التخويف.
وأين هذا من حجّية حكاية الراوي قول الإمام بما هو حاك وناقل ، من دون أن يكون له شأن الإنذار وللسامع شأن الحذر؟
وقد أجاب المحقّق النائيني عن الإشكال بأنّ الإنذار وإن كان هو الإخبار الشامل على التخويف ، إلا أنّه أعمّ من الصراحة والضمنية فانّه يصدق الإنذار على الاخبار المتضمن للتخويف ضمناً وإن لم يصرّح به المنذر. (٣)
__________________
١. لتوضيح الإشكال لاحظ الفرائد : ٨١.
٢. الذاريات : ٥٥.
٣. الفوائد : ٣ / ١٨٨.