ولا منافاة في ترتيب النجاسة والحرمة على موضوعين ، أحدهما : خاص ، أي الميتة ؛ والآخر : عام ( غير المذكى ) وإن كان العام يغني عن الآخر ، وذلك لأنّ الاحناف قبل الإسلام كانوا يجتنبون الميتة ، كما ورد في شعر الأعشى ، ولمّا كان الموضوع أعم أُضيف إلى الميتة عنوان آخر وهو غير المذكّى بطريق شرعي.
وعلى ضوء ما ذكرنا يكفي استصحاب عنوان غير المذكّى في ترتّب الحرمة فقط ، لأنّها المترتبةُ على غير المذكّى في الآيات والرواية دون النجاسة ولذا قلنا في محله بأنّ المذبوح على غير الوجه الشرعي ، حرام لكونه غير مذكّى وليس بنجس.
الإشكال الثاني : اختلاف القضية المتيقنة مع المشكوكة
ويمكن تقريره بوجوه مختلفة :
أ : انّ موضوع القضية الأُولى هو الحي ، وموضوع القضية الثانية الميت ، ولا يصحّ أن تعد الحياة والموت من حالات الموضوع ، ولا وحدة بين الحيوان والجماد.
ب : انّ الاستصحاب في المقام من قبيل استصحاب القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي ، كاستصحاب الإنسانية فيما إذا كان في الدار زيد ، ثمّ علمنا بخروجه واحتملنا قيام فرد آخر مكانه عند الخروج ومثله المقام فإنّ عدم التذكية كان قائماً بالحي ، وقد ارتفع واحتملنا حلول فرد آخر مكانه عند زهوق الروح لأجل احتمال اختلال بعض الشروط ( القابلية ) فيستصحب الكلي.
وحجّية مثل هذا النوع من الاستصحاب محلّ تأمل ، لأنّ الكلي المتحقّق في ضمن الفرد الأوّل غير الكلي المتحقّق في ضمن الفرد الثاني.
ج : انّ القضية المتيقنة من قبيل القضية الموجبة ، لكن سالبة المحمول وهي عبارة عن جعل القضية السالبة المحصلة ، نعتاً للموضوع ، كما إذا قيل زيد هو ليس بقائم وفي المقام : « الحيوان ، الذي لم تزهق روحه بالكيفيّة المخصوصة » كان محكوماً بعدم التذكية ، لكن القضية المشكوكة ، عبارة عن القضية المعدولة ، أعني :