أحدهما المخيّر فلا رافع لهذا الاحتمال إلا الأصل.
٢. انّ الرجوع إلى الأصل في كلا الجانبين يخالف وجوب الموافقة الالتزامية.
الجواب : انّ الموافقة الالتزامية ترجع في المقام إلى أحد الأُمور التالية :
أ : الالتزام بما جاء به النبي في مجالي العقيدة والشريعة ، من فرائض ومندوبات ومحظورات ، ومكروهات ومباحات على ما هو عليه ، وهذا أمر لاسترة في وجوبه ويُعدّ من شرائط الإيمان ، لقوله سبحانه : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ). (١)
ب : لزوم الالتزام بخصوص أحدهما تعييناً أو تخييراً ، وهذا أمر لا دليل عليه بل يستلزم التشريع المحرم وإدخال ما لم يعلم من الدين فيه.
ج : الالتزام بالإلزام الجامع بين الفعل والترك ، فيجب أن يكون مفاد الأصل غير مخالف له. لكن الالتزام أمر محقّق ، ولأجل ذلك منعنا عن جريان أصالة الإباحة لكونها بالمفهوم المطابقي تضادّ العلم بالإلزام ، وأمّا غيره كأصل البراءة بكلا قسميه أو الاستصحاب ، فكلّ أصل في حدّ نفسه لا يخالفه.
ولعلّ نظر القائل بمنع جريان البراءة إلى أنّ كلّ واحد من الأصلين وإن كان مجتمعاً مع الإلزام ، لكن نتيجة الأصلين تضاد العلم بالإلزام.
والجواب : ارتفاع التضاد ، باختلاف مرتبة الحكمين ، فانّ مفاد الأصلين هو انّه لم يقم دليل على واحد من الوجوب والحرمة في الظاهر ، وهو لا يهدف إلى أنّه ليس هنا إلزام في الواقع ، بل يعترف به ويُضيف بأنّه ليس هنا دليل على تحقق الإلزام في ضمن هذا الفرد أو ذاك ولا مانع عن كون الفعل محكوماً بالإلزام واقعاً. ولا يكون محكوماً بأحد الإلزامين ظاهراً.
__________________
١. النساء : ٦٥.